نادية العشيري الفائزة بجائزة حمد للترجمة:حوار حول الادب السري لمسلمي اسبانيا

نادية العشيري الفائزة بجائزة حمد للترجمة:حوار حول الادب السري لمسلمي اسبانيا

آخر تحديث : الأربعاء 27 مارس 2024 - 10:42 صباحًا
 الأدب السري - قريش

الدكتورة نادية العشيري: بالترجمة يمكننا إحياء التراث المشترك بين العرب وإسبانيا

قريش: خاص

قالت المترجمة المغربية الدكتورة نادية العشيري إن علاقتها بالترجمة ترجع إلى فترة إنجازها لبحث الدكتوراة الذي تناولت فيه صورة المرأة في مصادر الأدب الأندلسي. 

وأضافت الفائزة بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في دورتها التاسعة (المركز الأول في فئة الترجمة من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية) أنها ترجمت سير النساء اللائي وجدَتهنّ في عدد كبير من كتب التراجم والسير، كما ترجمت الأمثالَ الشعبية الأندلسية التي حققها الدكتور محمد بنشريفة، وترجمت الكثير من المقامات وأجزاء من شعر الرجال وشعر النساء، إضافة إلى رسائل معروفة، لأنها كانت تبحث عن “حقيقة النساء في المجتمع الأندلسي”، أي كيف استطاعت هؤلاء النسوة تحقيق المكانة المعروفة عنهن، وكيف كنّ يتحركنّ داخل المجتمع.

وأوضحت العشيري أن علاقتها بالترجمة التي بدأت في ثمانينات القرن الماضي استمرت وتكرست من خلال عملها في التدريس، إذ وجدت الفرصة للتعامل مع النظريات ومع الجانب التطبيقي، وهناك نصوص درّستها، مثل مسرحية عن الموريسكيات كُتبت بالإسبانية وتُرجمت إلى الفرنسية؛ فاشتغلت على ترجمتها إلى العربية، وهي تدور حول “بطلات ثورة البُشَرّات”، لأن الحديث عن هذه الثورة غالباً ما كان يتطرق لدور الرجال ويُغفل دور النساء.

ولفتت إلى أنها ترجمت بعض القصائد في زمن جائحة كورونا، في إطار التواصل والتبادل الثقافي مع الشعراء من مختلف القارات، كما شاركت في ترجمة كتاب بعنوان “الخيار النقض-كولونيالي” صدر عام 2021.

أما تجربتها “الحقيقية” في الترجمة كما تصفها العشيري، فكانت مع الدكتور محمد برادة في ترجمة كتاب “الأدب السري لمسلمي إسبانيا الأواخر.. الأدب السري للموريسكيين” للكاتبة “لوثي لوبيث بارالت”، وهي الترجمة التي حظيت بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في دورتها التاسعة.

thumbnail ليلى العشيري 1 - قريش

وقالت العشيري إن سعادتها كبيرة لأن هذه الترجمة نالت إعجاب لجنة التحكيم، ولأن هذا الكتاب لقي ترحيباً وتقديراً من طرف المتخصصين وغير المتخصصين، مضيفةً أن موضوع الكتاب مغرٍ للبحث ولإعادة التفكير فيما نعيشه اليوم، لأن هناك ارتباطاً كبيراً بين ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة اليوم وما تعرض له الموريسكيون على أرض الأندلس في زمنٍ مضى، إذ هُجروا قسراً وعُذبوا وقُتلوا، ولم ينجُ منهم إلا من استطاع أن يعبر الحدود إلى خارج البلاد. 

ووفقاً للعشيري، فإن صاحبة الكتاب (وهي من بورتوريكو)، شعرت بمأساة الموريسكيين وما تعرضوا له، فربطت مباشرةً ما حدث لهم بما يحدث في فلسطين، فهناك تشابه كبير بين الظرفَين، و”إذا لم تُسْتَقَ العبرة من دراسة التاريخ، فما الحاجة إلى دراسة التاريخ” بحسب تعبيرها.

وحول أطروحة هذا الكتاب، أوضحت العشيري أن “الأدب السري” هو أدبٌ مكتوب في ظروف صعبة جداً، يتعرض الإنسان خلالها لخطر الموت ويسعى أن يُبقي هذا الأثر بعده، فيكتب للأجيال المقبلة. وقالت في هذا السياق: “هذا الصوت الذي طال عهده بالصمت وصل ولله الحمد، لأننا استطعنا أن نعرف من نحن، لأننا نعتبر أنفسنا أيضاً حفَدة الموريسكيين، وهناك الكثير من الأشياء نمارسها في حياتنا اليومية ولم نكن نعرف أصلها من قبل، وعندما وصل التراث لأيدينا عرفنا لمَ  كنا نقوم بما نقوم به.. لماذا نفعل هذا؟ ولماذا نردد هذا المثل؟.. وغيرها من التفاصيل الدقيقة جداً”.

ووفقاً للعشيري، فإن كلمة “الأدب” في مصطلح “الأدب السري” لا تشمل الأدب الكلاسيكي المعروف، رغم أن هناك فصلاً في الكتاب يشير إلى هذا الأدب المرتبط والمؤثر والمتأثر بالأدب الإسباني في العصر الذهبي له، لكن الكاتبة “لوثي” في عنوانها، كانت واعية للأدب الشعبي، الذي يشتمل على أشياء مرتبطة بالعقيدة وبالجغرافيا أيضاً، فهناك وصف للرحلات وتتبع لمسارها منذ وقت مغادرة البيت إلى وصول البلد المستهدَف، وحديثٌ عما يحدث للمهاجرين خلال طريق الهجرة وعما دفعوه لصاحب المركب الذي سيحملهم إلى الضفة الأخرى.

وقالت العشيري إن هذا الكتاب “مشوق ومفيد جداً”، ويجد فيه القارئ أشياء لا يتوقعها، وهو يشتمل على “عنصر المفاجأة، وعنصر التماهي والتعرف على الذات”. وكشفت عن شعورها منذ البداية بأن الكتاب سيكون له شأن، وهو الشعور نفسه الذي كان لدى الباحث والمؤرخ والأكاديمي التونسي عبد الجليل التميمي، صاحب فكرة ترجمة الكتاب، الذي أسند هذه المهمة لها ولبرادة.

وأكدت العشيري أهمية إعادة الوشائج بين العالم العربي وإسبانيا، باعتبارها امتداداً في التاريخ، وأيضاً أهمية إحياء هذا التراث المشترك عن طريق الترجمة، لأنها “تسمح بالتعرف على الآخر ومد جسور التعارف وبناء علاقات سليمة وسلمية تنشأ عنها أشياء إيجابية لتحقيق السلم والأمن والتواصل بين الشعوب، وهذا ما ينشأ عنه المحبة والخير، تجاوزاً لما يحدث الآن أيضاً، فهذا ناتج عن صور نمطية وتصورات غير صحيحة، والترجمة هي التي تصحح كل ذلك”.

يُذكر أن العشيري تعمل أستاذة باحثة في مدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، وهي مؤسسة تابعة لجامعة عبدالمالك السعدي، وكانت قد عملت قبل ذلك لمدة ثلاثين سنة في جامعة مولاي إسماعيل في مكناس، وحصلت على شهادة الدكتوراة من الجامعة المركزية في مدريد (Universidad Complutense de Madrid)، وقبل الدكتوراة درست سنتين تحضيريتين بجامعة غرناطة.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com