هل التقط َ زعماءُ الخليج رسالة محمد بن سلمان؟

هل التقط َ زعماءُ الخليج رسالة محمد بن سلمان؟

آخر تحديث : السبت 11 ديسمبر 2021 - 10:48 مساءً

بقلم المراقب السياسي

(لندن)

جولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية في دول الخليج، خطوة في غاية الذكاء تنتمي الى رؤية العهد الجديد للرياض ، ولا يمكن قراءتها في الاطار البروتوكولي المعتاد بين دول المنطقة، فالرجل يدرك ان القمة الخليجية المقبلة قريبا في الرياض ستجمع القادة وسينفض الاجتماع مع استمرار بقاء مفردات عالقة كالعادة في الملفات ذات الطبيعة الثنائية، والتي لا تتيح الطبيعة البروتوكولية للبلد المضيف طلب حسمها.

الزيارة الاخيرة الممنهجة والمتخصصة بمصير دول الخليج في علاقاتهم البينية من جهة وفي علاقاتهم مع العالم من جهة أخرى، كانت قراراً سعودياً لا يحتمل التأجيل مع تسارع الأحداث، لاستكشاف جميع الهواجس والمخاوف والآمال والمرامي المستقبلية التي تشغل زعماء دول الخليج، والتي يفضل بحثها في الإطار الثنائي مع السعودية حفاظاً على خصوصيات لايزال الخليجيون يحرصون عليها في التفاهمات والاتفاقات، وهو الامر الذي قرأه محمد بن سلمان مبكراً، لاسيما بعد ان أنهى بقرار أساسي منه الازمة مع دولة قطر.

الجولة الخليجية لولي العهد السعودي توافرت على تفاهمات واتفاقيات بالمليارات وقيام مجالس تنسيقية عليا لإدامة وتطوير العلاقات، لكن الأهم من ذلك كله هو إعادة الأنظار الى الدور السعودي القيادي في منطقة الخليج وتوجيه رسالة الى دول الخليج التي تتذبذب بين ميل صارخ نحو الضفة الأخرى من الخليج او نحور البديل الاستراتيجي الجديد إسرائيل، ومفاد الرسالة هو  انَّ الرياض أولى باستيعاب مشاكل المنظومة الخليجية من أية عوامل خارجية، لا يمكن ان تكون بديلاً او مرتكزا ثابتاً واستراتيجياً لدول المنطقة كما يتوهم بعض العرب.

 يتضح هذا المنحى السعودي الجديد، في ظل تخفيف لا يمكن اغفاله من قبل الولايات المتحدة في تبني وجهات النظر الخاصة بدول الخليج ، وقد جرى دقّ جرس التنبيه الأول الى ان التراخي الأمريكي في الدعم بات واقعاً منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما ، بعد ان غضّ النظر عن انتهاكات استخدام السلاح الكيمياوي في سوريا، وهو خط احمر لم تكن اية دولة تتوقع موقفا متراجعا ازاءه من واشنطن ، فضلاً عن السكوت المريب على الضربة الصاروخية الكبيرة التي نفذتها ايران، بالأصالة او الوكالة لا فرق ، ضد عصب الحياة والمال في السعودية حين كادت الصواريخ تشل النفط السعودي في منشآت أرامكو، وهو ما كان خطاً أحمر في الاعتقاد السعودي إزاء التعهدات الامريكية بتوفير الحماية ، واتضح انّ ذلك كله وهم، واّن هناك حسابات في الإدارة الامريكية تفوق كثيرا هواجس أصحاب المنطقة الملتهبة بالتحديات، وانَّ اقصى ما يمكن ان تقدمه واشنطن هو المساهمة في إطفاء الحرائق وليس منع حدوثها بسلاح الردع الاستراتيجي في الخليج بحسب خبراء دوليين في لندن.

 جميعنا يعلم انّ دول الخليج لا يحتمل وضعها انتظار نقل النيران اللاهبة الى عقر دارها. لقد اهتزت الثقة السعودية بما كان يوحي انه سلاح ردع، لكن الرياض تكتم المنغصّات في نفسها ولا تريد اثارة الحلفاء، في وقت تفتح فيه صفحات أخرى لحماية البلاد خارج الحليف الذي بدا لبعض الوقت بمظهر الحليف الأكبر الأوحد، وهذا وهم لا تخطئه العين.

دول الخليج الأخرى لديها قراءات تقترب من المرأى السعودي للأوضاع، في ان واشنطن ليست كل شيء، لكنها تذهب الى برمجة أوضاعها على التركيز على وجود قوتين أساسيتين هما إيران وإسرائيل، وليس لتركيا نفس الثقل لدى اغلبية الدول. في الوقت الذي تلفت الزيارة الى ان القوة الثالثة والاكبر تأثيراً هي السعودية، مهما كانت المعايير مختلة في نظر بعضهم.

لكن هل فهم زعماء دول الخليج مغزى الرسالة السعودية؟

ربما لا يكون الوقت متاحاً مرة ثانية لتكرار الرسالة.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com