ندى الحاج شاعرة لبنانية.. عبرت السكينة بذروةِ الخَلْقِ وصعق الرؤية

ندى الحاج شاعرة لبنانية.. عبرت السكينة بذروةِ الخَلْقِ وصعق الرؤية

آخر تحديث : الخميس 31 ديسمبر 2020 - 6:30 مساءً

جِنانُ النور

ندى الحاج

0 16 - قريش

شاعرة من لبنان

هذه ذراعي، هذا وجهي، تلك قسَماتي وابتساماتي

كيف أُحصي ماءَ عينَيَّ ونبْضاتي؟!

مَن أحببتُ صاروا زفَراتي، فكيف أوسِّعُ رئتَيّ؟

مَن أحببتُ صنعوا مجرّاتي، وكيف أقيسُ نجومَها؟

أحببتُ بقوةِ الأسيرِ ورفْضِ الحُرِّ

بذروةِ الخَلْقِ، وصَعْقِ الرؤية

بتحديقِ المغمَضِ عند حافيةِ الهاوية

أحببتُ فوق الجمرِ والغمرِ، وما بينهما

اعتنقتُ التصوّفَ والتجرّدَ وأعمقَ الإيمان

انتشلتُ الحكمةَ من كهوفِ الأدغال

عبرتُ السكينةَ برأفةِ حياةٍ تستغيث

وها أنا أقدِّمُ ذاتي

من قصورِ الهواءِ أُحلّق

أنفضُ جناحَيَّ، وأستيقظ

هل أعي مَن أنا؟

من أين أتيتُ، وأيّ محيطاتٍ عبرْتُ؟

ألهثُ وراءَ سلامي

سلامَ العتمةِ وسلامَ الضوء

سلامَ سراجٍ وزيتٍ وحبٍّ

سلامي منذ الأزَل

*

كتبتُ قصَّتي من قبلِ انوجادي

وها إني أعرفُ قبلَ المعرفة

وأُدركُ قبلَ الإدراك

وأعي قبلَ الوعي 

أني الفراشةُ العالقةُ في خيوطِ الشمس

وقلبي يطوفُ في الصحراء

يقطفُ سراباً، يخفي سراباً

يطوفُ في العيونِ المغمَضة

عبرتُ… ولمْ أعبُر

حتى ظفرتُ بالوَحدةِ كأساً

وبالعُزلةِ رؤيةً

حتى تكلّمَ الحجرُ في جوفي

وتأنْسنَ الجنُّ بين أضلعي

اكتفيتُ، ولمْ أكتفِ 

لمْ أرتوِ، ولن!

يا مَن تنحتُ وجهي في الماء

وتطبعُهُ في النار، وتُذريه في الهواء

قُدْني إلى اللهفةِ، حيث موطِئي إلى جِنان النور

الحبُ ينتظرُني، ليغسلَ روحي بالريح، وسهامي بالذهب

اُعبُرْ بي فرحةً فرحةً، ولا قسوةَ تعلو في سمائكَ 

قُلْ لي ماذا أرتدي لأمتشِقَ الشمس، وأتنفَّسَ الضياءَ؟

*

فيكَ أنثَني، أذوبُ وأتوالد

من أعمارِ الكون وآهاتِ البراكين

من ذاكرةِ الظلالِ وأطيافِ الأسرار

تدمغُني، تُحولُّني 

أنبتُ عاريةَ الأوراقِ حتى تكسوَني

بسلاسةِ الحبِ الغامرِ تحضنُني

وليس لي سِواكَ

بيتي هو أنتَ، هو أنا فيكَ

هذا العطشُ إليكَ 

هذا الانخطافُ نحوَكَ

هذا الفراغُ من دونِكَ

هل لي بنقطةِ ماءٍ من يدِكَ؟

هذه اليدُ ليست يدي

بل النورُ الذي تضيئُها به وهي تتضرَّعُ لكَ!

ليطِلّْ وجهُكَ على أنفاسي غالياً 

فتلُفَّني أمواجُكَ بملْحِ الحياة

اُسكُبْ فيَّ ورودَ الحبِ المشتعِل 

وانثُرْ في كياني نارَ الشوقِ حتى الذوَبان 

كُلّي يسجدُ لكَ، وفي انحناءِ أغصاني، أرتفعُ إليكَ

أَفرِغْني من ذاتي، لأرتميَ في كمالِكَ

مَن سِواكَ يُدركُ أَناي؟!

ومَن لي سِواكَ لأَفنى في كُلِّه؟

من ديوان “عابرُ الدهشة” منشورات المتوسط – إيطاليا 2020

القصيدة خاصة  لصحيفة قريش –  ملحق ثقافات وآداب – لندن

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com