أبناء الرافدين ومتاهة الهوية المفقودة.. كيف ولدت التبعية الايرانية والتجنس العثماني؟

أبناء الرافدين ومتاهة الهوية المفقودة.. كيف ولدت التبعية الايرانية والتجنس العثماني؟

آخر تحديث : الخميس 18 يناير 2024 - 12:41 صباحًا

د.  توفيق رفيق آلتونجي

roundcube 1 - قريش

الهوية هي بطاقة يتمكن المرء من خلالها تعريف نفسه واثبات شخصيته وانتماءه الى دولة تسمى الوطن.

هل ياترى ان قدر العراقيين هو ان يعيشوا في جدل الهوية والانتماء حتى بعد مرور اكثرمن قرن على إعلان دولتهم؟

نحن ،المهاجرين المنفيين ،جبرا او طوعا من العراقيين في دول المنافي بقينا و سنبقى دوما صادقين لأوطاننا. حتى بعد مرور اكثر من نصف قرن على تركنا للوطن. وحتى لو اسقطوا جنسياتنا. تلك البطاقة السوداء التي تعطينا الحق كي نقول: – 

أننا عراقيون. 

منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة 1921 وخلال الفترة التي توالت على العراق حكومات الى نهايتها مع الاحتلال الثاني وسقوط الدولة العراقية ومؤسساته عام 2003. تغيرت القوانين وحتى الدستور لكن بقى حق العراقي بالجنسية مطروحا دوما. العجيب ان الجنسية فقط في دولة العراق تمنح للمواطنين. أي انها طبيعية في معظم دول العالم ولا يحتاج المواطن الا على هوية شخصية ID، فقط.

Screenshot 2024 01 17 at 23.21.14 - قريش

فهل هناك عوامل تاريخية يجب الرجوع اليها لمعرفتنا عن أسباب ذلك؟ 

الولايات  العثمانية الثلاث البصرة وبغداد ولاحقا ولاية الموصل بعد استفتاء عصبة الأمم لراي المواطنين في الولاية وكانت من نتائجها اختيارهم للانضمام إلى الدولة العراقية الفتية . تلك الولايات كانت حتى نهاية الحرب العالمية جزء من الدولة العثمانية ة والتي تأسست عليها  دولة العراق الحديثة. اختير احد ابناء الشريف حسين الهاشمي الحجازي فيصل الأول ملكا لها. لكن بقى الصراع التركي العثماني التاريخي يتأجج دائما كما هو الجمر تحت الرماد وحتى يومنا هذا. 

العثمانيون كانوا يسوقون الشباب في الولايات التابعة لهم الى جبهات القتال. هنا بدأ العراقيون بالتهرب من العسكرية ولهذا اختار الناس التبعية الإيرانية مقابل التبعية العثمانية للتخلص من العسكرية. بهذا انقسم أبناء العراق وعلى الاقل بعد اصدار الجنسية العراقية الى هؤلاء ممن يحملون التبعية العثمانية واخرون من التبعية الايرانية.

وطبعا كانت إيران تعطي الجنسية الإيرانية عن طيب خاطر ايام الشاه محمد رضا بهلوي, لمن يرغب بها من العراقيين ممن يحملون التبعية الإيرانية. لكن العراقيون بقوا دوما مخلصين لبلدهم. 

هذه العقدة التاريخية اججها الحكم القومي البعثي وانتهىت بحرب ثماني سنوات مع الجارة إيران وبتبعات مأساوية على البلدين من ضحايا بشرية وتدمير اقتصاد. طبعا سبق الحرب حملة واسعة من تهجير حملة التبعية الإيرانية ومعظم هؤلاء كانوا من الكورد الفيلية بالإضافة الى الشيعة من العراقيين. بقى ان نعرف ان عقدة الجنسية لا تزال قائمة لحد يومنا هذا رغم التغير. وعلى العراقي ان يحصل تحريريا من الحكومة على شهادة تؤكد بانه عراقي. لكن المعضلة الكبرى لمن هم من عراقي الخارج . لأنهم لا يستطيعون تجديد عراقيتهم بعد صدور الجنسية العراقية الجديدة. اي عمليا وبخطوة واحدة حرم عراقيو الخارج من جنسيتهم العراقية بعد ان الغي الجنسية العراقية القديمة السوداء. لان الجنسية والهوية الوطنية الجديدة تتطلب حضور الشخص بنفسه الى العراق (السفارات العراقية في الخارج عاجزة عن إصدار هذه الوثيقة على الأقل في الوقت الحاضر) والا فهو ليس عراقي. يتمنى عراقيي الخارج ان تعمم استخدام الأجهزة الحديثة في السفارات العراقية في الخارج لإصدار البطاقة الوطنية والجواز الجديد لجميع المواطنين العراقيين في خارج الوطن واستثنائهم من جميع القرارات التي تشمل العراقيين داخل الوطن. للتذكير فقط ان العديد من العراقيون قضوا في الخارج والبقية من الرعيل الأول تعدوا السن الستين واكثر و في انتظار حسن الختام.

تاريخيا جرى البدء باستخدام الهوية كإثبات لشخصية الفرد منذ زمن ليس ببعيد. الجدير بالذكر بان الانتماء الى منطقة جغرافية قديما كان يشخص به المرء من هيئته أي ملبسه وما يرتديه وحتى ما يحمل معه من إكسسوارات التي يحمله معه مثلا:)السبحة،القلادة،العصا،الخنجر،المحابس( وأحيانا العمامة كانت تمثل الانتماء القبلي والعرقي ودليل على المهنة الشخص.  كانت الهوية كوثيقة في البدايات بعد انتشار استخدام الورق في العهد العثماني كورقة ولم تكن على الصورة الحالية ودون الصورة الشمسية للشخص كما كانت عليها الكتابات يدوية هناك العديد من الوثائق العثمانية من الفرمانات السلطانية محفوظة ليومنا هذا في متاحف استانبول. ولكنها أي الهوية الشخصية ومع اكتشاف آلة التصوير تغيرت و باتت دوائر الدولة يطلبون من المراجع اصطحاب صورة شخصية لهم. بذلك انتشر المصورون مع آلات التصوير الشمسية في الساحات القريبة من الدوائر الرسمية كدائرة النفوس. العراقيون تم تعدادهم السكاني العام واعتقد منذ عام١٩١٩ولاحقا مرات عدده وقريبا ربما يتم التعداد السكاني العام في العراق بإذنه تعالى. كان رجال الدين في بداية ظهور آلات التصوير الشمسية ومن ثم حتى حين ظهر التلفزيون لأول مرة، أقول كانوا قد حرموا التصوير الشمسي واختلفوا في ذلك ثم تراجعوا بعد انتشار اجهزة الكاميرا ومن ثم الاعلام المرئي من سينما وتلفزيون واليوم الانترنت. 

image1704732083143.png

كان دفتر النفوس الملكي في العراق بدون صورة ،وحتى الجوازعلى ما اعتقد ،ثم اضيفت الصورة في الجواز الذي كان نسخة مطابقة للجواز البريطاني، وبغلاف اخضر من ورق المقوى كتب اسم حامله على الغلاف، و ربما كان يتم طبعه هناك كذلك في عهدي الانتداب والملكي والسنوات الاولى للجمهورية.  لاني كنت احمل جوازا مشابها لتلك حين  تركت العراق اوائل السبعينات . كان يتم ملئ المعلومات فيه بالكتابة اليدوية وان كنت محظوظا فيكون الكاتب ذو خط جميل وعكس ذلك تراه يكتب كالاطباء في كتاباتهم للوصفات للمرضى من مراجعيه ككتابة تشبه بكتابة الصحفيين  (   (Stenografi

إما دفترالنفوس فكان في البدا ية مجرد ورقة ومن ثم تحول الى) كارتون (أي من الورق المقوى وبلون بني فاتح كتب على صفحتيها الداخليتين اسم حامله واسم أبيه وأمه ومكان ولادته اوعليه طابع ملكي بصورة الملك المفدى.

Screenshot 2024 01 17 at 23.20.49 - قريش

كنت قد كتبت  حول الهوية العراقية قبل  ثلاثين  عاما نشر المقال في إذاعة صوت العراق الحر آنذاك ايام النظام الدكتاتوري السابق.

تساءلت آنذاك:

هل ا ن الهوية مجرد ورقة نثبت فيها باننا عراقيون؟ 

واكرر ذلك السؤال اليوم مرة أخرى. المشكلة الأساسية بالنسبة للهوية سنراها لاحقا عند احفاد واحفاد الاحفاد في المستقبل وذلك للمهاجرين من العراقيين خاصة ممن تركوا العراق بعد نشوب الحرب مع الجارة ايران في ايلول من عام١٩٨٠. هؤلاء الصغار اليوم والكبار غدا لا هوية لديهم و يتأرجحون بين ثقافة أجدادهم من المهاجرين الأوائل وثقافة البلد الذي ينتمون اليه. هنا في السويد ترى بوضوح وجود ذلك الاختلاف الواضح بين هؤلاء السويديين من الأصول الفنلندية اوحتى هؤلاء من المهاجرين من دول كبلجيكا وهولندا الذين يسمون ب(الفالون( وحتى رغم مرورعدد من القرون على تواجدهم واندماجهم في المجتمع السويدي الا انهم يحملون في دواخلهم روح أجدادهم من المهاجرين اللذين قدموا للبلد للعمل وكانوا صناع مهرة جلبوا معهم العديد من الصناعات والحرف الى السويد. كما ان الفنلندين كانوا من الأيادي العاملة التي بنت البلد خاصة هؤلاء ممن يسمون (الأطفال الحرب) اليتامى اللذين جلبوا ابان الحرب العالمية الثانية. 

عودة للتذكير ببلد الرافدين وابنائهم اللذين عانوا ولايزالون  من  سياسات  الحكومات المتعاقبة  بعد تأسيس الدولة العراقية لابلحتىفي ايام العثمانيين كانوا ينتمون الى الدولة العثمانية اويتهربون من الجيش)  الجندرمة( ومن السوق لىسوح القتال هؤلاء يصرحون للسلطات بانتمائهم للتبعية الإيرانية وبهذا انقسم الشعب العراقي الى صنفين فإما هم من اصول عثمانية اومن التبعية إلايرانية. هذه الماسات مستمرة دوما رغم التغيرات التي أجريت على قانون الجنسية العراقية فنرى من تبعاتها ان الوف من العراقيين ممن يعيشون اليوم  في الخارج وابنائهم لا يحملون اية بطاقة وطنية. اختصر اصدارها في بعض السفارات في العالم فقط ومن لم يستطع السفر سيكون قريبا من)البدون(كما يطلق عليهم في الدولة الجارة الكويت البطاقة الوطنية الجديدة ستكون الوثيقة الوحيدة المعتمدة في جميع دوائر الدولة.

هذه البطاقة الجديدة ستلغي  جميع الوثائق القديمة السابقة بعد الفاتح من اذار القادم. وتبقى الانتماء موحدة  لجميع  العراقيين.هذا بالنسبة للعراقيين داخل الوطن اما هؤلاء من هم في الخارج فلا يشملهم هذا القرار وفي انتظار التعليمات وآلية العمل في إصدارها و سيعلن كل ذلك في حينه، وعلى ارض الرافدين وأبناءه الكرام الف سلام.

إشارات:

اكتب كلمة الكورد  و كوردستان بالواو لسهولة التلفظ. 

الأندلس

الفاتح من  كانون الثاني  من  عام٢٠٢٤

كلمات دليلية
رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com