الدوسري وزيراً لإعلام السعودية.. المهمّة الخطيرة بين استقطابين

 الدوسري وزيراً لإعلام السعودية.. المهمّة الخطيرة بين استقطابين

آخر تحديث : الخميس 30 مارس 2023 - 12:34 صباحًا

بقلم المراقب السياسي

 واشنطن

Unknown - قريش
الدوسري

للمرة الأولى تقريباً، ومنذ سنوات بعيدة، يتم تعيين وزيراً للإعلام في السعودية من داخل الوسط الاعلامي، إذ عيّن الاحد الماضي، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ضمن جملة قرارات، سلمان بن يوسف بن علي الدوسري وزيراً للإعلام.

ولعلها مناسبة لكي يكون الاعلام السعودي على سكة جديدة، مع وزير عرف عن مسيرته المثابرة والصبر والجلد ،ولكن المهمة عسيرة مع اعلام داخلي وخارجي للمملكة عانى الترهل والخطاب الجامد الأحادي طويلاً، بمعاضدة من “اعلاميين عرب” مُتكلسين على قوالب لم تتغير، لاسيما من مصر ولبنان حصراً.

مهمة الدوسري ليست سهلة في مرحلة فارقة، يهيمن عليها استقطابان رئيسان: استقطاب سياسي داخلي “عنيف” وليس قوياً فحسب ، حيث يصعد مسار ولي العهد الامير محمد بن سلمان ،الحاكم الفعلي، على نحو انبثاقي سريع في تحديث المملكة التي تقوم في الأساس التكويني السياسي على دعامات دينية واجتماعية وقبلية وأسرية ، يعد التعاطي مع خيوطها من اصعب المهمات وأدقها ، بل وأخطرها ، لاسيما أنّ ولي العهد ماض في مشروعه “الانفجاري”، وسط تأييد من قطاعات شعبية واسعة، وأيضا ، وسط امتعاض مكتوم من النُخب الكتلوية لتلك الدعامات بحكم التراكم وتكلّس مسارعدم تقبل التغيير الذي اعتادوا عليه طوال تسعة عقود في الاقل .

أمّا استقطاب التحدي الثاني فهو خارجي، لاسيما في قضية صياغة الخطاب الاعلامي بدقة وذكاء من دون افراط ولا تفريط في ملفي إيران واسرائيل. إيران التي تخوض السعودية معها مفاوضات خفض التصعيد في الخليج واليمن خاصة عبر الوسيط العراقي، والذي اسفر عن اتفاق يقال انه نهائي تم بموجبه اعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران برعاية من الصين . واسرائيل التي تعد نفسها قد وصلت بنجاح معزز وعزوم الى عمق الخليج العربي كله، عبر التطبيع الذي بات يحيط بالسعودية من كل جانب حدّ الاطباق. وهنا يكون الخطاب اضطرارياً في أن يراعي الحلفاءَ الخليجيين ونهجهم التطبيعي السريع والمفتوح، كما انه لا يقطع ذلك الخيط الذي بات مرئياً في الافق بين السعودية وإسرائيل، وتحجبه فقط الاشتراطات السعودية في قيام الدولة الفلسطينية. فيما لم يكن ذلك الخط موجوداً قبل عقد من الزمان، بالرغم من انّ الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود مهّد له في القمة العربية ببيروت العام 2000، لكن المسار لم يتعمّق بسرعة إلا في الحقبة الراهنة.

غير انّ تعيين وزيراً من الوسط الصحفي له أيضاً مخاطر في القياسات العملية، بالرغم من وهج البريق الذي يوحي بإعطاء صاحب الاختصاص الموقع الذي يستحق لاختصاصه. والمخاطر تأتي من حقيقة ان الاعلامي السعودي، الحكومي او الخاص المرتبط بالحكم، كما في حال الدوسري، هو وليد الواقع الاعلامي السياسي للعقود الثلاثة الاخيرة التي لم تشهد تجديداً نوعياً، بل تكريساً للببغاوية الساذجة كما في فترة الوزير الأسبق الطريفي ، ولا ندري ما مصير بعض العلامات المضيئة في السنوات القليلة الاخيرة .

 وهذا التجديد الذي يكاد يلوح في الأفق، له ايضاً قالب ينسبه الى طبيعة صراع الاستقطاب في مؤسسة الحكم السعودي النازعة بيد محمد بن سلمان لتحديث جذري لم تدركه وتستوعبه بعدُ كامل المملكة حتى اللحظة.

في كل الأحوال، انّ المسار لن يتغير وسيتقهقر أكثر، اذا اختار الدوسري المكابرة وتصديق انّ الاعلام السعودي له صدى عربي كما يصوّر ذلك حفنة عربية مأجورة ومنبوذة  تتعاطى  منذ عقود مع الاعلام السعودي، وانّ من الخطيئة التي نتمنى ان لا يرتكبها الوزير الجديد هي تصديق انَّ  صرعة الشراكات الاعلامية مع صحف بريطانية  أو مواقع أمريكية  تصنع تأثيرا في الرأي العام العربي أو الدولي، كما انّ الخطيئة تتعمق اذا انساقَ الوزير الجديد الى تصديق أكذوبة بشأن المردود الإيجابي للسعودية من خلال استحواذ شركة الأبحاث على عشرين او ثلاثين منصة  دولية، ثبت انّ المواطن السعودي غير معني بها ولا يعرف عنها شيئاً ولا تؤثر في مسار تفكيره في حال مرّ بها صدفة ، فضلاً عن ضعف تأثيرها في المحيط العربي .

 انّ زمن البرستيج  والمجاملات  وتبويس الاكتاف  والتملق تجاوزته تطورات الزمن التي لا ترحم، كما تجاوزته رؤية التحديث 2030 للقائد محمد بن سلمان.

 نقول لكم مبارك المنصب، واعانكم الله عليه، ونتمنى أن تتقبلوا الرأي الآخر بانفتاح انتصاراً لمصالح السعودية العليا، فالمملكة حصن العرب مهما اختلفوا حولها، وأن تصارحوا “ولي الامر” بهذه الحقائق ولا تسهموا كما كان أسلافكم في تكميمها، مخافة فتح أبواب هم في غنى عنها.

وفي  بطاقة بيانات المعلومات الشخصية المتاحة، سلمان بن يوسف بن علي الدوسري هو من مواليد عام 1968م وحاصل على درجة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد.

بدأ حياته المهنية في 1998م مع المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، مراسلاً في صحيفة الاقتصادية؛ إذ عمل في البداية مع صحيفة “الاقتصادية”، وفي 2004 انتقل للعمل في صحيفة “الشرق الأوسط” مراسلاً لها في البحرين، ثم أصبح مسؤولاً عن التحرير في الإمارات العربية المتحدة عام 2006.

وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 2009 جرى تعيينه مساعداً لرئيس تحرير صحيفة “الشرق الأوسط” بمقرها الرئيس في العاصمة البريطانية لندن، قبل أن يعيّن في أكتوبر/ تشرين الأول 2011 رئيساً لتحرير “الاقتصادية”، ثم رئيساً لتحرير “الشرق الأوسط” اعتباراً من الأول من يوليو/ تموز 2014.

وعمل مؤخراً في مجلس تحرير العربية والحدث.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com