بقلم: الدكتور نزار محمود
كاتب من العراق مقيم في المانيا
اليوم يقف مئات الآلاف على جبل عرفة يرفعون أكف الدعاء بالرحمة والمغفرة.
انهم يتوجهون بصدق قلوبهم أن يرفع الله الهم والغم عن أبناء أمة محمد التي آمنت به وبرسوله وكتابه العزيز. انهم يتذكرون جهاد الصحابة الأوائل الذين هاجروا وناصروا وانفقوا ما يملكون من أجل الدعوة وإقامة حكم الله العادل بين البشر. ولم تقتصر دعوتهم على كلمات الاستغفار وطلب الرحمة وانما تعززت بحملهم للسلاح والجهاد في سبيل اعلاء كلمة الحق.
منذ ما يزيد عن العام والنصف وآلة القتل والظلم والإبادة تحصد أرواح المسلمين في غزة وتهدم منازلهم فوق رؤوسهم وتجعلهم في تيه يسيرون. لم يعرف التيه وحشية شبيهة، ولم يكن العالم بهذا النفاق ولا المسلمون ولا العرب وكثير من الفلسطينيين مثل هذا الذل والخنوع.
ان انساناً في عمر السبعين ينبغي أن يعي ماذا تعنيه الحرب غير المتكافئة في عالم لم يعد تحكمه قيم الإنسانية بقدر ما تحكمه المصالح وتحركه عقد النفس والتاريخ.
لم تخطىء حماس في طلب حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته المهدورة، لكنها أخطأت في زمن مطالبتها بهذه الحقوق وبأسلوبه. نحن ندرك أن ما دفعه الشعب الفلسطيني كبيراً بكبر قدسية قضيته.
اعود للتساؤل: هل ستكتفي عرفة بالدعاء لغزة؟ هل يكفي تعزيز ذلك بتنديد وشجب المؤتمرات؟ أم نرى اذا ما كان استعطاف الآخرين سيفيدنا؟
سبعون عاماً يمنونا بكلمات معسولة تحمل أحلاماً خادعة، وبقرارات تحمل في صياغاتها تفسيرات شتى، حتى اذا فرغ فينا الصبر واندفعنا في اقتحام ضرب وأسر، عادوا ليثخنوا فينا الجراح!
غداً يبدأ عيد الأضحى، فيذكرنا بحكاية عزم ابراهيم على نحر ابنه قرباناً لله الذي صدقه العهد والوعد فأبدل اسماعيل بكبش فداء. نتبادل التهاني والتبريكات بهذه المناسبة، متناسين ما استعد على تقديمه سيدنا ابراهيم من تضحية ما بعدها من كبيرة.
على فكرة: اليوم هو ذكرى نكسة الخامس من حزيران من العام 1967، يوم أسر القدس وبيت المقدس وقبرة الصخرة!
كم أنا طيب حد السذاجة، فأتخيل انعقاد قمة اسلامية على جبل عرفات يوم الوقفة!!
ا