ندماً يبكي العالم على فلسطين ولم يبكِ العرب 

2 يونيو 2025
ندماً يبكي العالم على فلسطين ولم يبكِ العرب 


أ.د. طارق السامرائي

 لقد بكى الملايين حول العالم بشوارعه وجامعاته ومؤسساته التعليمية والسياسية والثقافية والاجتماعية، ولكنْ لم يبك العرب!
فقد بكت السماء والأرض وكل من عليها وفيها، إلا العرب!
وأحزاب ومؤسسات ودول معادية، وأديان خرجت تصرخ في الشوارع والإعلام وتندد وتناشد الضمير الإنساني لإنقاذ فلسطين وشعبها، خاصةً الغزيين، إلا العرب!
قالوا: إنَّ العرب في الغرب قد تغربوا، وتركوا قيم العروبة، وأصبحوا في وديان الاندماج الاجتماعي، ولم تعد فلسطينهم، وباتوا في خدر وشكلية، لكنهم خسئوا، فعرب الغرب كانوا، وما زالوا، الطليعة في التنديد بحرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري والتجويع والاستيطان، إلا عرب البادية!
إنَّ العرب في الغرب قد جفت حناجرهم من رفع أصواتهم، واحمرت جفون عيونهم من البكاء، وخرجوا بالآلاف جحافل ومواكب لتصدح أصواتهم طبقات السماء، وفي عقر ديار وبلدان الغرب، بينما العرب في ديارهم صمت رهيب ميت.
وخرج العرب في أوروبا عندما بدأت الحرب وخلالها، وما زالوا، الطلاب والعمال وأصحاب العقود المبرمة والنساء يحملون شعارات: لا خوف ولا تراجع، ولا صهيونية ولا احتلال لفلسطين. والعرب في ديارهم بانتظار زوار وضيوف الشرف من زعماء دول الإبادة تحت مشروعات اقتصادية وتطبيقية إرضاء ً لعيون التاجر الأمريكي الاسرائيلي بلا فلسطين ولا غزة ولا هم يحزنون.
ورفع العرب في الغرب أعلام فلسطين، وقرعوا أبواب السفارات والبيت الأبيض والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية غير مبالين بما يحدث لهم، ونصبوا الخيام، وتركوا بيوتهم ومآوي عوائلهم، وكسب عيشهم، ليكونوا صوتًا هادرًا لفلسطين وحق الفلسطيين، وكانوا سفراء الحق العربي الفلسطيني، وأدواته للضغط على سياسات الغرب لاجل فلسطين، أمّا عرب الداخل فقد بقوا عرب المصالح والاقتصاد وإدامة الصلة مع الجار، ولم يكونوا عربًا يحملون المسؤولية بصدق، بل بالهامشية والتمييع.
وفعل عرب الغرب بتركيع الغرب وسياساته، وكسبوا الجولة، وربحوا الرهان، لأنهم بكوا مثلما بكى العالم، وعرب الداخل منشغلين بمشاوير الضيافة والترحيب، وفلسطين عندهم موضوع آخر.
لقد بكت الشعوب لفلسطين، لأنّ قيمهم إنسانية، بالرغم من أن بعض أنظمتهم معادية، لكنهم بكوا وصرخوا لفلسطين، ونددوا بإسرائيل ونواميسها وقوانينها العنصرية، وحققوا مع عرب الغرب ومؤسساتهم وتظافر جهودهم نصرًا لامعًا أنظف من أنظمة وشعوب عربية تقاعست عن دورها الوطني والقومي لتترك فلسطين تحت مقصلة الإجرام الصهيوني.
لقد أدت شعوب العالم دورها الرائد بامتياز دعمًا لقضية فلسطين بعد مرور اكثر ٦٢٠ يومًا من التدمير والتهجير والقتل المبرمج لغزة وفلسطين، وعلى أستعدادٍ عالٍ صميمي وضميري للبقاء مع فلسطين، وهذا ما ربحناه من عرب الخارج وشعوبه الغربية، وعرّوا أنظمتها الفاشية والصهيونية، وإجبارها على قبول مشروعات الحق والجهاد لشعب فلسطين الحيّ.
ولم يبقَ في قارورة السندباد إلا أوراق الإدانة لعرب لم يذرفوا دمعًا لفلسطين، ولم يبكوا عليها، لكنهم سيبكون على أنفسهم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com