قرار “العباءة” لمجلس بغداد.. سماح تكتيكي بطعم الفرض التدريجي- خبراء

9 يونيو 2025
قرار “العباءة” لمجلس بغداد.. سماح تكتيكي بطعم الفرض التدريجي- خبراء

بغداد – ابو زينب المحمداوي

تتفاعل ردود الافعال ازاء قرار مجلس محافظة بغداد بتاريخ 3 حزيران 2025 رقم (38) القاضي بـ”السماح بارتداء العباءة العراقية الإسلامية من قبل بعض الموظفات والطالبات في المدارس، واعتبارها زيًا رسميًا

والقرار لايلزم احدا لكنه يثير مخاوف المكونات العراقية من ان يوجه الانظار الى اهمية زي واحد قد تجري في ضوئه التحقيقات

واطلق القرار اسم العباءة العراقية في حين ان المتداول بين العراقيين الشيعة انها العباءة الزينبية، وهو مصطلح لا اساس تاريخي له في التوثيق سوى المتأخرين من رجال الدين الشيعة..

وقال المحامي سامي عارف الكبيسي ان القرار سماح تكتيكي بطعم الالزام والفروض .

فيما قال عبدالزهرة خالد ان المكونات العراقية ستبقى خائفة من المكون الشيعي الذي يمتلك السلطة بالرغم من ان الاسلاميين في مجلس محافظة بغداد كانوا وراء القرار ايضا .

غادة العاملي

واعلنت مدير عام مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، غادة العاملي، عن رفضها القاطع لقرار مجلس محافظة بغداد باعتماد “العباءة الزينبية” زيا رسميا، معتبرة القرار “تضييقا على الحريات” و”دعاية انتخابية بائسة”.وفي منشور نشرته عبر حسابها الرسمي على فيسبوك، خاطبت العاملي مجلس بغداد وصاحبة المقترح ، رئيس لجنة البيئة في المجلس هدى جبيل، قائلة:“تحية من المدينة التي تعرف جيدا كيف تقرأ النوايا، حتى لو تم تغليفها تحت ستار الغيرة أو الخصوصية المجتمعية.”وشددت على أن بغداد لن تتحول إلى قندهار، مؤكدة أن المرأة العراقية ليست “مادة للتنميط أو التجريب بقرارات سلطوية”.وأضافت: “من اعتاد التواجد في الإعلام لإثارة الجدل لا يخيب ظننا هذه المرة، مرة عن الموسيقى، ومرة عن الآداب، ومرة عن اللباس، وفي كل مرة الهدف لفت الانتباه بأي ثمن.”واختتمت العاملي منشورها بتحذير صريح من فرض نمط موحد على مجتمع متنوع، مشيرة إلى أن كرامة المرأة “لا تُقاس بأمتار القماش، بل تُصان بالعدالة والاحترام”.

ومن تلك الاراء ايضا التي قرأت القرار قراءة تحليلية ، ما كتبه القيادي السابق في حزب الدعوة والمفكر الاسلامي محمد عبدالجبار الشبوط

احمد عبد الجبار الشبوط

اذ قال ان


القرار، من حيث الشكل، لا ينص على إلزام أو فرض، بل يقرّ بخيار موجود اجتماعيًا ويمنحه شرعية إدارية. ومع ذلك، فإن تحليلًا أعمق لهذا القرار يكشف عن إشكالية مؤسسية في طريقة تعاطي السلطات المحلية مع الحريات الفردية، خصوصًا حين تتدخل بتفاصيل رمزية تمسّ حرية الجسد والهوية.
أولًا: مضمون القرار – السماح لا الفرض
ولفت محمد الشبوط الى ان من المهم الإشارة بوضوح إلى أن القرار لا ينطوي على إلزام أو عقوبة أو تقييد مباشر، بل يمنح “السماح” بلباس معين ضمن الفضاء التعليمي الرسمي. وبالتالي، هو لا يتقاطع من حيث النص مع مبدأ الحريات الفردية كما نص عليها الدستور العراقي.
لكن، هل كل ما لا يفرض هو بالضرورة حيادي؟ وهل “السماح” بلباس معين يحمل دلالة رمزية أو سياسية؟ هذه الأسئلة تقودنا إلى التحليل الأعمق.
ثانيًا: الحريات الشخصية في الدستور العراقي
ينص الدستور العراقي في مادته (42) على:
“لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة.”
وفي المادة (17):
“لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع الحقوق العامة والآداب العامة.”
هذه المواد ترسم إطارًا عامًا للحريات الفردية، وتؤسس لمبدأ أن اللباس خيار شخصي، ما دام لا يخلّ بالآداب العامة أو يهدد النظام العام. من هذا المنظور، فإن تعزيز حرية اللباس لا يحتاج إلى ترخيص مسبق، بل فقط إلى ضمان عدم التمييز أو التضييق.
ثالثًا: رمزية القرار ومخاوف التدخل الناعم
حتى لو كان القرار شكليًا “سماحيًا”، فإنه ينطوي على تدخل مؤسسي في تحديد ما هو اللباس المحترم والمقدّر داخل المؤسسة التعليمية. هذا بحد ذاته إشكالي لعدة أسباب:
يعطي امتيازًا ثقافيًا لرمز معيّن (العباءة) دون غيره من أشكال اللباس المحتشم.
قد يتحوّل “السماح” الإداري إلى ضغط اجتماعي غير مباشر على الطالبات والموظفات.
يُرسّخ تصورًا أن الدولة مسؤولة عن ضبط المظاهر الدينية داخل المدارس، بدل أن تركز على الجودة التربوية والعدالة التعليمية.
رابعًا: وجهة النظر البديلة – ما كان ينبغي قوله
وفقًا لقراءة نقدية متزنة، فإن الصيغة الأجدر بالسلطة المحلية كانت:
“يؤكد مجلس محافظة بغداد على احترام حرية الطالبات والموظفات في اختيار لباسهن، ما دام ضمن ضوابط الحشمة والآداب العامة، دون فرض أو تمييز.”
هذه الصيغة تحقق ثلاث مزايا:
تحترم التعددية الثقافية والدينية للمجتمع العراقي.
ترفع الحرج عن أي خيار شخصي محتشم، سواء العباءة أو غيرها.
تمنع التمييز المؤسسي أو الاجتماعي بناءً على شكل اللباس.
وختم الشبوط قائلا :

إن تدخل مجلس المحافظة بهذه الطريقة التفصيلية لم يكن ضروريًا، لا من حيث القانون، ولا من حيث الوظيفة المؤسسية. فالحريات الفردية لا تحتاج إلى قرارات ترخيصية، بل إلى إرادة سياسية لحمايتها. وكان الأجدر بالمجلس أن يُصدر بيانًا عامًا يؤكد على احترام جميع خيارات اللباس المحتشم، بدل تسمية شكل محدد ومنحه رمزية خاصة.
خامسًا: ما بين الحريات والهوية… أين تتوقف يد الدولة؟
الدولة الحديثة لا تُبنى على فرض الرموز أو تمجيد أنماط اللباس، بل على:
ضمان العدالة والمساواة أمام القانون.
احترام التعدد داخل المجتمع.

ودعا الكاتب عبدالجبار الشبوط الى :
الامتناع عن التورط في “صناعة الهوية” من فوق.
ففي مجتمعات متنوعة دينيًا وثقافيًا مثل العراق، أي تفضيل رسمي لشكل معين من اللباس قد يُحدث استقطابًا لا حاجة له، ويفتح الباب لاشتباكات غير ضرورية بين الخصوصية والسلطة.
رغم أن قرار مجلس محافظة بغداد (38 لسنة 2025) لا يُلزم ولا يمنع، إلا أنه يُمثّل نموذجًا على الطريقة التي قد يتحول فيها “السماح” إلى “إشارة سلطوية ناعمة” لها تبعات رمزية.
ومع الاعتراف بأهمية الرموز الثقافية في المجتمع العراقي، تبقى الأولوية للدولة هي حماية الحرية بوصفها الأصل، لا تقييدها ولا ترشيدها ولا ترميزها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com