عملية الضرب الإسرائيلية الإيرانية ونظرية صراع القوى

15 يونيو 2025
عملية الضرب الإسرائيلية الإيرانية ونظرية صراع القوى

عملية الضرب الإسرائيلية الإيرانية ونظرية صراع القوى :نتائج ودلالات 


أ. د. طارق السامرائي 

لم تكن الحرب خارج التوقعات وحسابات المراهنين، بل هي نتيجة حتمية لصراع قوى لكل منها ثقلها ووزنها العسكري والاستراتيجي في المنطقة، وتبعًا لنظرية الصراع فإن الحرب الحالية هي صراع وجود وتسلط وسباق من أجل المصالح وبسط النفوذ، وفي كلتا القوتين تتوفر ركائز القوة برغم التباعد الأيدلوجي لكل منهما، فإيران تعتمد على الجانب الديني الطائفي في مجتمع مؤهل لاستقبال التجديد في الفكر الإسلامي، وهي ميزة تخدم الأجندة الإيرانية في تصديرها لشعوب المنطقة العربية والإسلامية المحيطة بحدودها، وإن كانت في اطار “البدع الدينية”، إلا أنها تجد المناخ والبيئة الملاءمة للاستقبال والترحيب .
ولقد تبلورت هذه النظرية من طرح نظري الى عقيدة “تصدير الثورة “، التي تحمل آراء أية الله الخميني والمنظرين من طبقة نظام الملالي الجديد، والطارئ على المجتمع الإيراني، ومثل قوة صراع اصطدمت بعاملين مهمين: 
عامل الغريزة القومية العربية وعامل الخوف من استشراس الإيرانيين وإملاء المنطقة بالطائفية والتبشير بمذهب الأثني عشري، وكان هذا القلق، وما زال، أحد أكبر عوامل الانحسار للنظرية الخمينية وتحييد دورها في المناطق السنية العربية.
أمّا في الطرف الإسرائيلي، فإن الأمر يختلف أيديولوجيًا، إذ تعتمد إسرائيل على العامل السياسي في تمرير مشروعها كدولة لها كيانها، ومركز استقطاب لليهود حول العالم، ونقطة تحول لخدمة مخططات الغرب، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك فهي تنتهج ثلاث زوايا وهي: 
١- الزاوية العسكرية والترسانة التسليحية الأمريكية
الزاوية السياسية التي ساعدت إسرائيل في إطلاق قدراتها والاقتراب من قطف ثمارها وتحقيق أهدافها من دون التعرض لضغوط محلية ودولية مؤثرة، وبذلك نسجت عوامل عملياتها العسكرية شبكة أمان وتأييد دولي واسع سياسيًا وقانونيًا في مواجهتها ضد ايران.
٣- الزاوية الإعلامية والدعوية، حيث خاضت إسرائيل عملية إعلامية ودعاية لحربها بنمط مكثف وحذر شديد بعد أن تعرضت إلى نقد ومعارضات دولية واسعة في حربها ضد حماس وسارت مراحلها ببطأ وإدانات، وبذلك تحولت في إستراتيجيتها الى جر إيران الى حرب تلغي فيها النظرة الدونية، التي تعرضت لها مع حماس، التي قلبت الموازين فعلًا للتأييد الغربي بزعامة إمريكا، وحق إسرائيل في حماية كيانها من نووي إيران الخطر إقليميًا ودوليًا، وهي إدارة والتفاتة ذكية من محفل التأييد للصهيونية والكيان الاسرائيلي، وبذلك تضع إسرائيل نظرية الصراع لهاتين القوتين في حين يعيش الشرق الأوسط فقرًا في مواجهة أي منهما، ويعتمد على طرح التوافقيات التي تمثل دوره المتواضع لاستدرار العطف العالمي، وإرضاء القوة الأمريكية للحفاظ على إستمرارية وديمومة أنظمتها.
وفي المحصلة، تبدو أن إسرائيل قد حققت انتصارًا عسكريًا وسياسيًا وإعلاميًا زادت من نفوذها الميداني، ويدعم أوراق قوتها على أية طاولة تفاوض مع إيران، وبخصوص مستقبل سيناريو النووي الإيراني، الذي تعرض الى مرحلة تدمير جزئي لمرحلة تدمير كلي، وبذلك تكون إيران قد خرجت من مربع نظرية الصراع، وتعيش في ظل واقع النمو للمعارضة الداخلية والوضع المعقد الجديد والمفتوح على احتمالات عدة، وصولًا الى مرحلة سقوط النظرية الخمينية وإمبراطورية الهلال الشيعي المنشودة، وهي نتيجة حتمية في بقاء دولة تتسيد زمام الأمور وتفرض مشروعها تبعا لنظرية الصراع، وما على العرب إلا يتجرعوا العلقم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com