لوحات ليست للبيع
ريما حمزة

شاعرة من سورية
اللوحة الأولى
امرأة تمشي على خيط ماء
في ركن المعرض
امرأة تمشي فوق خيط من الماء
تحمل حفنة من ضوء
تسكبه في وجه الغروب
لا أحد يراها
ظلها بلل التراب
الرسام قال
هذه امرأة لا تصل لكنها لا تتأخر
وأنا كنت تلك التي تمشي
لأعرف إن كان الماء يحفظ أقدامي
اللوحة الثانية
امرأة تنام في فم الناي
تبدو نائمة
الناي يصدر أنينا كلما مر عاشق
عيناها نصف مغلقتين
تصغي لصوت من زمن بعيد
قيل إنها ماتت في حرب
وقيل لا
كانت تنتظر
وأنا
كنت أزهرُ من فم الناي
كلما حلمت بأنني أنجو من موسيقى الحنين.
اللوحة الثالثة
امرأة تلوحُ من شرفة مشقوقة
في الطابق الرابع
شرفة فيها ظل لذراعٍ تلوح
لا وجه لا جسد
فقط وشاح ملون
يتدلى من جدار مقسوم
قالوا هذه لوحة وطن
كنت تلك الذراع
ألوح للعائدين من المنافي
ولا أحد يعود
اللوحة الرابعة
امرأة ترتدي المطر
في منتصف اللوحة
امرأة منقطة بالندى
تضحك
كأن الغيم سقط على كتفيها عن عَمد
عيناها مغمضتان
والرذاذ يرسم على خديها ممراً
هل كانت تمطر من داخلها
أم أن الحب سرب من سحابتها
كنت أنا
أرتدي المطر
كي لا يشك أحد أنني أبكي
اللوحة الخامسة
امرأة تصلح قلبها بالإبرة والخيط
على كرسي خشبي
امرأة تطرز قلباً
خيطاً خيطاً
كما ترقع الجدات سترات الجنود
حولها علب صمت
وإبرة عالقة في منتصف الوجع
قال الرسام
هي لا تبكي هي تعيدُ ترتيبَ الخراب
وأنا
كنت أخيط قلبي
حتى ظنَّ الألم أنني أحبه.
خاتمةُ اللوحات
في المعرض
كل من مرَّ على اللوحات
رأى امرأة غير التي في الإطار
لكنني كنت كلهن
وظللت أبحث عن رسّام
يراني
قبل أن يلونني.
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن