الطيب محمد جاده
كاتب من السودان
في مثل هذا الشهر من العام 1989 استلم البشير الحكم بانقلاب عسكري بمعاونة الإخوان المسلمين، بعد عشرة سنوات اختلف الإخوان وحدثت المفاصلة وانقسموا إلى حزبين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي، حيث قام المؤتمر الشعبي بتأسيس حركة العدل والمساواة بقيادة المرحوم دكتور خليل إبراهيم، وبدأت الحرب في دارفور بهدف ظاهر هو التهميش والهدف الخفي هي السلطة، انضمت إليهم حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد أحمد النور، قام إبراهيم سليمان والي ولاية شمال دارفور في ذاك الوقت بإبلاغ الحكومة بالجلوس مع هؤلاء المتمردين لكن جاء رد الحكومة بالرفض حتى تمكنت قوات التمرد بضرب مطار الفاشر وحرق خمسة طائرات، من هنا بدأت الأمور تأخذ مسار الجدية حيث قامت حكومة البشير بإرسال قوات من الهجانة إلى دارفور لحسم التمرد، لكن هذه القوات فشلت في حسم المعركة لطبيعة المنطقة الجغرافية في دارفور، بعد فشل الهجانة استعانت حكومة البشير القبائل العربية لحسم التمرد وذلك يرجع إلى أن قادة التمرد ينتمون إلى ثلاثة قبائل، الفور والزغاوة والمساليت، حيث تحولت الحرب إلى حرب ضد هذه القبائل بصفة عامة.
بعد ارتكاب هذه المليشيات جرائم ضد الإنسانية وإصدار مذكرة اعتقال ضد البشير تم تقنين هذه المليشيات وأصبحت باسم الدعم السريع، حيث كان الابن المدلل للكيزان بمجرد أن تمرد استعانة حكومة البرهان بحسم تمرد الدعم السريع بالحركات المسلحة (المشتركة) ما أخشاه هو أن تترك حكومة البرهان الصراع في دارفور بين المشتركة والدعم السريع، وذلك يرجع لدوافع قبلية بقيضة.
في السودان يتجلى الانقسام بين من يرتدي قناع القبيلة ومن يتاجر به. كل المؤشرات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن دارفور سوف تعود إلى المربع الأول، بداية التمرد، لكن هذه المرة سوف يكون اسوء بكثير حيث أصبحت الاخلاق معدومة والقتل باسم القبيلة شجاعة وانتصار، إما في الضفة الأخرى سوف يظهر حميدتي جديد في المشهد السوداني.
لكن ربما يكون الأفظع هو استخدام الانتماء القبلي كسلاح لتصفية الحسابات مما يقودنا الي حرب أهلية، تقارير دولية ومحلية تشير إلى تصفية أشخاص على اساس عرقي، وهناك جرائم موثقة تثبت صحة ذلك، ومن قام بتوثيقها هم نفس الأشخاص الذين ارتكبوها، أين الذين يدينون انتهاكات طرف ويغضون النظر عن انتهاكات الطرف الآخر ؟ والسؤال يتردد بلا مجيب كيف يتم استخدام القبيلة كوسيلة للقتل.
الأوضاع المتجه لإقليم دارفور تكشف ما اخشاه انا أكثر من أي شخص آخر
وفي نهاية المشهد تتضح معادلة موجعة.. ليست المشكلة فقط في انتهاء هذه الحرب بل في من يريد تحويلها إلى دارفور لنعود الي العام 2003 بصورة أوسع هذه المرة، حيث تكون الحرب في المدن الرئيسية مثل نيالا الجنينة الفاشر، ويكون القتل على حسب القبيلة.