
أغنيات.. الشفاهُ التي تُقبّل الجسد
هند زيتوني

شاعرة من سورية
الجسدُ
………
– الجسدُ زهرةٌ برّيّةٌ
تتزاحمُ الأيدي لقطفِه
لشمِّه ووضعِه في مزهريَّةِ الأيامِ
الشفاهُ التي تُقبّل الجسدَ
لابدّ أن تتركَ شيئاً
من حريرِها، من دفئِها وعسلِها
لكن لا يمكنُ أن تغادرَ دون أن تقطفَ كلَّ براعمِ الاشتياقِ.
تغرقُ أنتَ الآنَ
وأنا أطفو فوقَ ماءِ الغوايةِ
أنا امرأةٌ لا تهادنُ في المعاركِ
أُعلّق أسماءَ الرغبةِ
وأدعُ رأسَك يتنفّسُ
من غلاصمِ الحُبِّ المحتضرِ
لم تنجُ من حماقتِك إلّا ستّ أسماكٍ ميتةٍ
سأجفّفُها لكَ لموسمِ العشقِ القادمِ
لقد جفّ البحرُ
وجفَّتْ آخرُ نقطةٍ من غيمِ اللقاءِ
أحرّك الماءَ الراكدَ
لتدخلَ الأسماكُ الذهبيَّةُ في دمي
الشبكةُ التي رميتُها
كانتْ مثقوبةً بالذكرياتِ
هبطتْ حياتي فجأةً إلى القاع
كنتُ أنتظرُ كي يطفوَ شيءٌ من ملامحي
كنتُ حذراً من اليائسين
أخافُ أن يتسلّلَ إليّ بكاؤهم وحظُّهم السيِّئُ
هذا العالمُ يبكي كثيراً
في النهارِ، وينامُ كثيراً في الليلِ لينسى .
سوء الطقس

……………………
– التهمَ القرشُ يدي
سيصنعُ من أصابعي أوتاراً لقيثارتِه
سينعمُ البحرُ بالغناءِ
أغنيةٌ واحدةٌ فقطْ
قد تُغيّرُ هذا العالمَ
التهمَ القرشُ بذورَ قلبي،
وزرعَها في الحقولِ الجافَّةِ
سترقصُ الأشجارُ، وتخلعُ خريفَها الطويلَ
التهمَ القرشُ أصابعي
سأكتبُ باليدِ الأخرى
سأكونُ أكثرَ إصراراً على النجاةِ
والخروجِ من الظلمةِ إلى الضوءِ
لدينا مايكفي من الموتى
لصنعِ شِباكٍ للبحرِ
لدينا مايكفي من الملحِ
لنصنعَ عيوناً للبكاءِ
عبرْنا رصيفَ الموتِ من قبلُ
وأعطيناهُ نصفَ أعمارِنا
لكنّ البحرَ مازالَ جائعاً جدّاً
والموجُ يصنعُ من زَبَدِهِ أغنياتٍ بلا موسيقا
في حياتي القادمةِ أفضّلُ
أن أكون أفعى لا تؤذي أحداً
قد يكونُ سمّي ترياقاً لمعضلةِ الكونِ
رؤوسُ الغرقى تبحثُ عن بحرٍ عميقٍ
ثمّةَ مَن يدفنُ أسرارَه، ويموتُ بلا خوفٍ
ثمّةَ مَن ينتظرُ
قطارَ الرحيلِ الذي تأخّرَ بسببِ سوءِ الطقسِ !
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
اللوحة للفنانة المغربية فاطمة بوسعيد ، خاصة لصحيفة قريش – لندن
”Planète Méduses ”2022 Papier végétal Collection “
عالم قنديل البحر”2022 تقنية الورق النباتي