ربيع فيصل الحافظ
كاتب وباحث عراقي مقيم في بريطانيا
رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا يفتح الأبواب أمام رؤوس الأموال والاستثمارات الدولية وينعش العملة الوطنية والهجرة العكسية للسوريين لكن هذا ليس كل شيء، ستنتقل المصانع التركية الى سوريا فهذه المصانع لن تكون قادرة على التنافس العالمي بعد ان تغادرها الايدي العاملة السورية الرخيصة بل ستغادر معها مصطحبة خبراتها الفنية وتصبح سوريا معقلها الصناعي الاقليمي.
في هذا السياق فإن الموصل مركز تجاري اقليمي شكلت التجارة والصناعة عبر العهود هيكل مجتمعها وكانت اوربا وجهة لمنتجاتها كقماش الموسلين الفاخر والجلود والحبوب اي انها كانت تدير اقتصادا عالميا.
*بحر من الفساد*
بسقوط الدولة العراقية في عام 2003 اصبحت الموصل تحت النفوذ المباشر للاقتصاديات الاقليمية كالاقتصاد التركي في زمن يهيمن فيه اقتصاد السوق على التجارة العالمية فيما تتحكم المليشيات الشيعية وحيتان الكتل السياسية “السنية” العاملة تحت جناحها بمقدرات الموصل الاقتصادية وتغرقها في بحر من الفساد.
*التغيير او الاندثار*
كل شيء في الموصل اليوم منشأه تركيا. الموصل غير قادرة مواجهة الاقتصاد التركي لكن استعادتها لمركزها الاقتصادي يتم بسحب التصنيع التركي نحوها فهي بحاجة الى المصانع وفرص العمل التي تدر على أبنائها، وفي المقابل فإن اقتصاد تركيا كأي اقتصاد عملاق بحاجة الى قدرة اكبر على التنافس العالمي وبذلك تستفيد الموصل وتفيد.
*معادلة النهوض*
هذه هي المعادلة التي تنهض عليها بؤر الاقتصاد العالمي وتنتقل من خلالها التقنيات والمواصفات العالمية وقد نقلت اليابان صناعاتها الى فيتنام وتصنع ألمانيا سيارة مرسيدس في ألبانيا المجاورة ولن يحتاج ابن الموصل بذلك الى الهجرة والعمل في مصنع في تركيا تحت ظروف غير مناسبة.
*تتمة النهوض*
كما أن لهذا الكلام تتمة وهو ان التكاتف الاقتصادي بين المجتمعات المتشابهة يؤول الى تكامل سياسي كما في الاتحاد الاوربي وأن التعاون الاقتصادي مع تركيا كفيل بكنس الخَبَث الذي جلبته ايران على مجتمعات المنطقة.
*اكتمال الصورة*
وثمة سؤال حاضر في الأذهان: هل توافق إيران ومليشياتها المتحكمة بالموصل على خريطة طريق اقتصادية هذه؟ الجواب قطعا لا، لكن العالم على اعتاب حرب عالمية ثالثة من طراز مختلف يعاد فيها رسم الخرائط السياسية في اكثر من مكان ومن بينها منطقتنا العربية ولابد من الاستعداد لذلك.
سوريا سبقتنا الى ذلك .. ألف مبارك
