حتى…لا ننام
سعاد زكراني

شاعرة من المغرب
أخاف أن أغمض عيني
يا أماه.
رمشك يطرح سؤالا بعد سؤال
في عينيك حديث لا ينتهي.
قولي
“تتثاءب الكلمات في فمي
فقد سكنت فيه بما يكفي
انطلقي أيتها الأنقاض
اخرجي منّي
لا أريدُ أن أحنو عليها أكثر
ربما أستطيعُ التنفس
بجسدٍ متحرر ٍمن الأكفان.
أرسلها خارج بيتنا.
هل لنا أن نرتب البيت مرةً أخيرة
قبل أن ننزح؟
هل لنا أن نصوّره للذكرى
و نخزن
كلَّ ضحكاتنا، بكائنا، وصراخنا، ثمّ ننزح؟
أيّها البحرُ المتراصُ أمامنا
كعناق خجول
في عالم ليس لنا.
هل لك أن ترسلَ صدانا إلى المحيطات المجاورة
علَّ حوتاً عملاقاً يضرب قاعدة المحتل؟
هل لنا أن نبتدعَ أبجدية جديدة
للخوف و الألم و البيت
حتى يصلَ العالم ذلك
الصوتُ الرماديُّ المستمرُ فوقنا
طيران طنّان…هدير الصواريخ
فوق الأخضر… فوق الدمار
فوق شاهد قبر مكتوب بفحم بيت محترق
لمَ لا نقول لهم: “لقد قلنا… وقلنا لهم ألف مرة.”
ألف مرة ترتشف العيون من السماء
و نحن نبحث عن دفئ يحتوينا
بهدوء أريد أن أنام تحت شرفة بيتنا،
حيث يدغدغني نسيمُ النجوم.
أريد… أن أتثاءب،
أريد… أن أغفو.
حلمت بأنّ قائداً ما يتحدث، ويقول:
هل تسمعيه يا أمي؟
” أراكم تفرحون بإطعام العصافير،
وتضحكون أثناء اللعب في أرجوحة الجنة.”
تشع ألوان قزحية في نوم ملوّن.
كزجاجة ترتج، فتختلط الأحلام.
“يا أمّي، أقسم أنني رأيت كفناً واحداً في غزة
يحمل أجساد ثلاثة شهداء،
فبُتُّ جسداً منهكاً مثقلاً يئن بالجراح.
أريد أن أسمع نبض… الشمس
أو نبض… القلب.
تلك الإسفنجة
التي أصبحت قاسية،
هكذا نمشي نحن على ريش،
حتى نصل إلى قمة التعب
وضح النهار، ونقول:
” يا مسيح… غداً… سوف نحيا هنا.”
القصيدة خاصة لصحيفة قريش – ملحق ثقافات واداب -لندن