الى أين تسير السعودية؟

13 مايو 2025
الى أين تسير السعودية؟

د فاتح عبدالسلام

لندن

كنّا قبل أكثر من عقدين نسمع بالسعودة في الوظائف والشركات ونظنّها إحلال موظفين وكوادر سعوديين مكان الأجانب، وكان الامر كذلك في بداياته. غير انه هناك الآن إنتقالة نوعية غير مسبوقة في جعل “السعودة” مفهوماً سيادياً وسياسياً له الأولوية في المعايير والمواقف السياسية الإقليمية والدولية بلا منازع.

هذا المفهوم معقد في حداثته، ربما لم يواكبه حتى كثير من السعوديين، كونه في بداياته يتجاوز المألوف والمراحل الشعاراتية القديمة.

 ما معنى ان تكون ضعيفاً ولك خصومات تستنزفك عقداً بعد عقد من اجل الإصرار على الانخراط في مسارات غير التي تصب في مصلحة بلدك؟

 هذا التساؤل سعت الرؤية السعودية الجديدة للإجابة عليه وتوظيفه في تنمية بلد على نحو استراتيجي، قد يواجه بعد عقدين او ثلاثة نضوبا في الثروات النفطية التقليدية أو تحول العالم وعزوفه عنها بحكم التغير التكنولوجي وخيارات الطاقة النظيفة.

لا يمكن ان تتحقق الرؤية السعودية الجديدة من دون إطفاء الحروب ذات الصلة بالسعودية، فحرب اليمن عامل إعاقة لا يمكن ان تكون خياراً سعودياً لا بديل له كما جرى تصوير الامر في بداية اندلاع تلك الحرب، وكذلك أجواء الصراع مع ايران، وهو البلد الذي يقابل السعودية على الضفة الثانية من الخليج، هي من عوامل إعاقة أي نجاح تنموي.

أن تكون السعودية قوية ومرتكزاً عالمياً يستقطب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو سواه من الرؤساء الامريكان في أولى جولاتهم الخارجية، هو ضمانة للعرب وللقضية الفلسطينية ذاتها. ثمة مصالح دولية تستطيع من خلال نوافذها ان تتبنى السعودية الموقف الفلسطيني أو الوضع السوري الجديد وتجلب لهما الدعم الأمريكي ضد ميزان القوى المختل لصالح إسرائيل سنوات طويلة.

 إنّها ثلاثة عوامل متصلة بوشائج، ومتداخلة مع دول أخرى، وضعت السعودية على طريق صحيح وأمين، هي

انسحاب السعودية في العقدين الأخيرين من موازين القوى في النزاعات الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسوريا وقبلها العراق. وكذلك الاتفاق على خيار السلام التفاهم مع إيران، ثمّ إيقاف كرة الثلج المتدحرجة في حرب اليمن.

التنمية في السعودية يمكن أن تفضي بإشعاعها التكنولوجي لخدمة المحيط الإقليمي، فالإمكانات التي يجري تسخيرها تزيد على حاجة السعودية من حيث تكوينها السكاني والجغرافي، ومن هنا يكون الاستثمار الصحيح لمساعدة العرب الأقل حظاً وثروة على النمو ايضاً. وهذا خيار سلام وأمن حتماً.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com