النفقات العسكرية العالمية والسباق المغربي الجزائري: قليل من الزبدة وكثير من المدافع

7 مايو 2025
النفقات العسكرية العالمية والسباق المغربي الجزائري: قليل من الزبدة وكثير من المدافع

بقلم عبدالسلام الصديقي

خبير اقتصادي ووزير مغربي سابق

تشمل النفقات العسكرية، المعبر عنها من حيث القيم الحقيقية، جميع النفقات العامة للقوات المسلحة والأنشطة العسكرية، بما في ذلك الرواتب والمزايا الاجتماعية، ونفقات التسيير، وشراء المعدات العسكرية والأسلحة، والبنية التحتية العسكرية، والبحث والتطوير، والإدارة المركزية، والقيادة والدعم.لذلك، فإن “نفقات التسلح” تشكل جزءًا فقط من النفقات العسكرية.

على هذا الأساس، ينشر معهد ستوكهولم الدولي للأبحاث حول السلام (SIPRI) سنويًا منذ عام 1988 تقريرًا عن النفقات العسكرية في مختلف البلدان.وهكذا، وفقًا لتقرير 2024 الذي نُشر في 26 أبريل الماضي، بلغت النفقات العسكرية العالمية 2,718 مليار دولار، بزيادة قدرها 9.4% مقارنة بعام 2023.وهي أكبر زيادة سنوية تم تسجيلها منذ نهاية الحرب الباردة على الأقل.وهمت هذه الزيادة في النفقات جميع مناطق العالم، مع ارتفاع سريع بشكل خاص في أوروبا والشرق الأوسط.ولسبب وجيه!أكبر خمسة منفقين – الولايات المتحدة، الصين، روسيا، ألمانيا والهند – يركزون 60% من الإجمالي العالمي، مع نفقات مجمعة تصل إلى 1,635 مليار دولار.

الولايات المتحدة والصين تحققان ما يقرب من نصف الإنفاق العالمي

زادت النفقات العسكرية للولايات المتحدة بنسبة 5.7% لتصل إلى 997 مليار دولار، وهو ما يعادل 66% من النفقات الإجمالية للناتو و37% من النفقات العسكرية العالمية في عام 2024.جزء كبير من الميزانية الأمريكية مخصص لتحديث القدرات العسكرية والترسانة النووية من أجل الحفاظ على ميزة استراتيجية على روسيا والصين.كما أنفقت الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو 454 مليار دولار، أي ما يعادل 30% من إجمالي نفقات الحلف.

الصين، ثاني أكبر منفق عسكري في العالم، زادت نفقاتها بنسبة 7%، لتصل إلى حوالي 314 مليار دولار، مسجلة بذلك ثلاثين عامًا من الزيادات المتتالية.وتمثل الصين 50% من مجموع النفقات العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تستثمر في التحديث المستمر لجيشها وتعزيز قدراتها في مجال الحرب الإلكترونية والترسانة النووية.

وبلغت النفقات العسكرية لروسيا حوالي 149 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 38% مقارنة بعام 2023 ومضاعفة لمستوى عام 2015.يمثل هذا المبلغ 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي الروسي و19% من إجمالي النفقات العامة الروسية. كما ارتفعت النفقات العسكرية الإجمالية لأوكرانيا بنسبة 2.9٪ لتصل إلى 64.7 مليار دولار، وهو ما يعادل 43٪ من نفقات روسيا. وبمعدل 34% من الناتج المحلي الإجمالي، تسجل أوكرانيا أثقل عبء عسكري من بين جميع الدول في عام 2024.

أما النفقات العسكرية لألمانيا، فقد ارتفعًت بنسبة 28٪ لتصل إلى 88.5 مليار دولار، مما يجعلها أكبر منفق في وسط وغرب أوروبا والرابع على مستوى العالم.

وازدادت النفقات العسكرية للهند، خامس أكبر منفق في العالم، بنسبة 1.6% لتصل إلى 86.1 مليار دولار.

تبلغ النفقات العسكرية في الشرق الأوسط حوالي 243 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 15% مقارنة بعام 2023 و19% مقارنة بعام 2015.تخصص إسرائيل 46.5 مليار دولار لذلك، أي 8.8% من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة قدرها 65%! وتعتبر العربية السعودية أكبر منفق في الشرق الأوسط في عام 2024 والسابع على مستوى العالم.شهدت نفقاتها العسكرية زيادة متواضعة بنسبة 1.5٪، لتصل إلى حوالي 80.3 مليار دولار، لكنها لا تزال أقل بنسبة 20٪ من نفقات عام 2015، السنة التي بلغت فيها عائدات النفط في البلاد ذروتها.

الجزائر تنفق أربع مرات أكثر من المغرب!

بلغت النفقات العسكرية في إفريقيا 52.1 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 3% مقارنة بعام 2023 و11% مقارنة بعام 2015.تمثل شمال إفريقيا لوحدها أكثر من نصف هذا المبلغ، والذي يقدر ب 30.2 مليار دولار، بزيادة قدرها 8.8% مقارنة بالعام السابق.بلدان يهيمنان على هذا الاتجاه: الجزائر والمغرب، اللذان يمثلان معًا ما يقرب من 90٪ من النفقات العسكرية في شمال إفريقيا.يجب التوضيح أن الجزائر تنفق أربعة أضعاف ما ينفقه المغرب، أي 21.8 مليار دولار مقابل 5.5 مليار دولار للمغرب.بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، فإن النسب هي على التوالي 8.8% و3.8%.

تحتل الجزائر المرتبة الحادية والعشرين كأكبر مستورد للأسلحة في العالم من 2020 إلى 2024.على الرغم من أن الواردات من روسيا قد انخفضت بنسبة 81% بين عامي 2015-2019 و2020-2024، إلا أن هذا البلد لا يزال المورد الرئيسي لها، حيث يمثل حوالي نصف (48 بالمئة) واردات الأسلحة الجزائرية، تليه الصين (19 بالمئة) وألمانيا (14 بالمئة).كانت الواردات الأكثر أهمية في الفترة 2020-2024 هي المركبات المدرعة (33٪)، والطائرات (29٪)، والسفن (21٪).من بين الطائرات، هناك تسعة مقاتلات روسية، وأربع طائرات نقل أمريكية، وست طائرات بدون طيار صينية قد تم تسليمها.

انخفضت واردات الأسلحة المغربية بنسبة 26٪ بين فترتي 2015-2019 و2020-2024 بعد أن بلغت ذروتها خلال عامي 2010 و2014، حيث زادت أكثر من 10 مرات مقارنة بالفترة 2005-2009.تعتبر الولايات المتحدة المورد الرئيسي للمغرب في الفترة 2020-2024 بنسبة 64%، تلتها فرنسا (15%) وموردون آخرون أقل أهمية.كما أن الواردات الأكثر أهمية هي المركبات المدرعة (63%)، والصواريخ (12%)، والطائرات (9.6%).على الأقل 51% من الصواريخ التي تسلمها المغرب هي أنظمة صواريخ أرض-جو. (SAM).ومن بين 55 طائرة، هناك 24 مسيرة بدون طيار ومسلحة (منها 19 قادمة من تركيا).

سوق تتحكم فيه قلة من المنتجين

سوق الأسلحة يبقى على مستوى العرض مركزًا للغاية.أكبر المنتجين والمصدرين يحصى عددهم على رأس أصابع يد واحدة.أكبر خمسة مصدّرين يحققون بمفردهم 72% من المبيعات العالمية. و تحتل الولايات المتحدة الأمريكية المركز الأول بنسبة 43% من الصادرات العالمية من خلال تزويد 107 دول بالأسلحة في الفترة 2020 إلى 2024.لأول مرة منذ عقدين، اتجهت الحصة الأكبر من صادرات الأسلحة الأمريكية في 2020-2024 إلى أوروبا (35%) بدلاً من الشرق الأوسط (33%) حيث كان الزبون الرئيسي للأسلحة الأمريكية هو العربية السعودية (12% من صادرات الأسلحة الأمريكية).

أصبحت فرنسا ثاني أكبر مورد للأسلحة في العالم في 2020-2024، ولكن بفارق خمس خطوات خلف الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 9.6% فقط من الصادرات العالمية، حيث قامت بتسليم الأسلحة إل65 دولة.مبيعات الأسلحة الفرنسية إلى الدول الأوروبية الأخرى تضاعفت تقريبًا بين 2015-2019 و2020-2024 (+187%).يُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى تسليم طائرات مقاتلة إلى اليونان وكرواتيا، وكذلك تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا.علاوة على ذلك، حصلت الهند على النصيب الأكبر من صادرات الأسلحة الفرنسية (28٪)، أي ما يقرب من ضعف الحصة التي ذهبت إلى جميع المستلمين الأوروبيين مجتمعين (15٪).ثاني أكبر متلقٍ للأسلحة الرئيسية من فرنسا هو قطر (9.7% من صادرات فرنسا من الأسلحة).

روسيا تحتل المرتبة الثالثة بنسبة 7.8% من الصادرات.تليها الصين (5.9%) وألمانيا (5.6%).

على مستوى الواردات العالمية، تحتل أوكرانيا للمرة الأولى المركز الأول بنسبة تقارب 9%، تليها الهند (8.3%)، قطر (6.8%)، المملكة العربية السعودية (6.8%) وباكستان (4.6%).أربع دول عربية في قائمة العشرة الأوائل لشراء الأسلحة: بالإضافة إلى قطر والسعودية المذكورتين سابقا، نجد مصر (3.3%) والكويت (2.9%).من الجدير بالذكر أيضًا أن الشرق الأوسط يستوعب أكثر من ربع (27%) من واردات الأسلحة العالمية في الفترة 2020-2024.

في هذه السباق الأعمى نحو التسلح، فقط الموردون الرئيسيون هم الذين يستفيدون من ذلك، لكونً سوق الأسلحة “مربح” بشكل خاص لأنه لا يخضع لقانون العرض والطلب.إنه سوق” احتكار القلة” يهيمن عليه حوالي مئة شركة على المستوى العالمي، حيث تكون الشركات الخمس الأولى أمريكية’ وتخضع هذه السوق لاعتبارات جيواستراتيجية بالأساس. وبناءا عليه، فإن النضال من أجل السلام العالمي أمر ضروري من أجل ضمان رفاهية البشرية.

المقال خاص لصحيفة  قريش – لندن

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com