جبار عبدالزهرة
– كاتب من العراق
القوة الجوية (سلاح الطيران) منذ اختراعها كسلاح يتم الزج به في المعارك والحروب بين الدول تأكد لدى خبراء العلم والسلوك العسكري بمختلف اتجاهاته الحربية انها لا تحسم معركة ولكن ممكن ان تكون كعامل مساعد في تحييد بعض امكانيات العدوفي سلاحه آلياته وذخيرته علاوة على تأثيرها النفسي على معنويات جنود وقادة العدو 0
رغم ان التطور الحاصل في مجال السلاح الجوي باتجاه الكفاءة والقدرة التدميرية وتعدد اساليب القتال الجوي وكثرة انواع الاسلحة القتالية الجوية مثل الطائرات المسيرة والصواريخ ذات الاشكال المتنوعة ومسافات الوصول الى الأهداف المتعددة التي بلغت آلاف الكيلومترات والتي مكنتها من الوصول الى اهداف في عمق الدول ودكها بكل قدرة وامكانية إلاّ أنها تبقى في طور العاجزة عن حسم معركة حتى ولو كانت معركة صغيرة في بعدها الأرضي فالجبهة القتالية يتحكم بنتائج معركتها صنف المشاة الراجل والآلي 0
لا يقل لي احدهم ان معركة الـ ( mid–way) التي جرت في المحيط الهادئ بين الأساطيل الحربية البحرية الأمريكية واليابانية ان سلاح الطيران قد حسم تلك المعركة لصالح امريكا كلا إنه امر غير صحيح بل حسمتها السفن الحربية الأمريكية في توفقها التسليحي على نظيرتها اليابانية بناءا على معلومات استخباراتية دقيقة وفرتها لطواقم السفن المخابرات الأمريكية استطاعت من خلالها تحديد اماكن القطع البحرية اليابانية بدقة ومن ثم توجيه الصواريخ والطائرات لتدميرها 0
وللتمثيل لذلك في اطار اثبات صحة عجز القوة الجوية عن التاثير الحاسم في اية معركة واعني به هنا تحقيق النصر النهائي من قبل احد الأطراف المتحاربة على الطرف الآخر واضطراره للإنسحاب من المعركة مهزوما ناخذ ما جرى من الهجومات الجوية بين امريكا واسرائيل من جهة والحوثيين من جهة ثانية فلو استعرضنا الهجومات الجوية الحوثية عبر الصواريخ والطائرات المسيرة على طرق الشحن البحري في البحر الأحمر وفي باب المندب والخليج العربي منذ اليوم الأول الذي دخلت فيه حركة انصار الله الحوثية الحرب بين اسرائيل وحركة حماس الى جانب الأخيرة ووجهت ضرباتها الجوية لسفن الشحن المتجهة الى اسرائيل او السفن الإسرائيلية نفسها لم تترك تلك الهجمات المستمرة والى اليوم أي تأثير فاعل على قدرات الشحن البحري في إيصال مختلف انواع الشحنات الى اسرائيل وكذلك بالنسبة لأمريكا واسرائيل رغم ضرباتهما الجوية الموجعة والكارثية لمواقع الحوثيين فانها لم تضطرهم الى الإستسلام فمازال الحوثيون يمطرون الأرض المحتلة بصواريخهم الباليستية وطائراتهم المسيرة وقد هددوا لاحقا بضرب ميناء حيفا 0
لقد ادرك الرئيس الامريكي دونالد تارمب في اطار حسابات (التكلفة والجدوى) والتي تعني تكلفة الحرب والفائدة من ورائها من ان قوته الجوية لا تستطيع ان تحسم المعركة مع الحوثيين الاّ بالترافق مع هجوم ارضي على الحوثيين واحتلال ارضهم وهو ما لا ترغب به امريكا راهنا فسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هي الحصول على جائزة نوبل للسلام لذا يكون لزاما عليه انهاء النزاعات من طريق اعتماد الدبلوماسية للتعامل مع الآخروليس من طريق الحروب فهو رجل صاحب نظرة اقتصادية استثمارية تعظم الربح وتركض وراءه فبالنسة لمضارب تجاري مثل ترامب الدولار يضعه في جيبه من طريق الاستثمار او الايتزاز وليس لديه استعداد ان يخسره في معركة 0
أما بالنسبة للحوثيين في ضوء موافقتهم على وقف مهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن في اطار المصالح الأمريكية فالمسؤولون الحوثيون وفق تصريحات لهم سابقة ان الهدف من حملتهم الصاروخية والمسيراتية هو اسرائيل التي تشن حربا إبادية ضد اخوتهم في فلسطين والاتفاق مع امريكا يحقق لهم جانبا من السلام من الممكن الافادة منه في هذه الحملة في اطار دعم واسناد اخوتهم في فلسطين المحتلة 0
واكررهنا ان ضربات الحوثيين الجوية لم تحقق إلاّ شيئا ضئيلا على اسرائيل من ناحية (الجدوى) المادية ولكن من زاوية الجدوى من الناحية المعنوية فإن زرع الخوف المستمر في نفس العدو على مستوى الحكومة والجيش والشعب يفوق الكلفة الحربية أضعافا مضاعفة وهذا ما يجري في اسرائيل اليوم علاوة على ذلك وهو الأهم هو انتزاع عنصرة المبادءة من الكيان الاسرائيلي وستراتيجية الردع العسكري ضد العرب التي استغلتها اسرائيل في حروبها الثلاثة مع العرب وبقيت تهدد بها العرب حتى دخلت عليها الأرض المحتلة صواريح حماس والحوثيين وايران فجعلتها صفرا على شمال العدد
وزبدة مخض القول الضربات الجوية التي تبادلها الأمريكيون والحوثيون لم تحسم المعركة بينهما لصالح أيٍّ منهما ولم تحقق سلاما بينهما حتى ولو كان هشاًّ ،فربما تعود الضربات ثانية