أ.د. أحمد محمد القزعل
في قلب كل إنسان تكمن قوة خفية، تُشعل شرارة الطموح وتدفعه بشغف نحو تحقيق أهدافه دون الحاجة إلى دعم خارجي أو تصفيق الآخرين، وهذه القوة هي الطاقة الداخلية والمحرّك الذاتي الذي يمنح الإنسان الحافز للاستمرار ويبني له شخصية مستقلة متزنة قادرة على تحويل الطاقات الكامنة إلى إنجازات واقعية.
حقيقة إن بناء هذه الطاقة لا يأتي من فراغ، بل يتغذى على الرغبات الصادقة والطموحات النابعة من الداخل، والتي تُمكّن الإنسان من رسم طريقه الخاص بخطوات واثقة ومدروسة، ويبدأ ذلك بتحديد الأولويات وتجزئة الأهداف الكبرى إلى مراحل صغيرة قابلة للتنفيذ، مما يجعل طريق النجاح واضحاً وسهل الوصول، ويمنح صاحبه ثقة أكبر بالنفس ويقلل من شعوره بالإحباط.
الأشخاص القادرون على تحفيز أنفسهم ذاتياً يمتازون بقدرتهم على تنظيم وقتهم، والاعتماد على قدراتهم بدل انتظار المساعدة من الآخرين، مما يجعلهم أكثر إنتاجية ومرونة في مواجهة تقلبات الحياة، كما أن تمتعهم بطاقة إيجابية يُساهم في تعزيز الصحة النفسية وتقليل التوتر وزيادة شعورهم بالرضا والسعادة الداخلية.
ولتعزيز هذه القوة الذاتية لا بد من: رؤية الأهداف بوضوح، سواء أكانت قصيرة أم طويلة الأمد مما يُساعد في عملية التركيز ويشعل الرغبة في تحقيق هذه الرؤية، مع ضرورة تقسيم الأهداف إلى مهام صغيرة والتركيز على الجوانب الإيجابية، وتجنّب الاستسلام للأفكار السلبية مما يفتح آفاقاً أوسع للحلول والنمو، مع أهمية اكتساب المهارات والمعارف مما يزيد الثقة بالنفس ويُمهّد الطريق لمواجهة التحديات بقوة.
ومن جمال الدين الإسلامي أنه لم يغفل هذا الجانب، بل وضع له أسساً راسخة تحفّز الإنسان ذاتياً، وتُعلّمه الصبر والاجتهاد مع الثقة بالله، يقول تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا }[آل عمران: 200]، فالصبر والمثابرة ركيزتان أساسيتان في تحقيق الأهداف، كما جاء في قوله تعالى:{ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } [آل عمران: 159]، مما يعزز الإيمان بالقدرة الذاتية بالتوازي مع الاعتماد على الله.
أخيرا فإن الحديث الإيجابي مع النفس ليس مجرد شعور عابر، بل هو مهارة يمكن تطويرها بالممارسة اليومية والالتزام الذاتي، ومع كل خطوة نحو أهدافك، تذكّر أن النجاح يبدأ من داخلك، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.