استطلاع ملحق ثقافات وآداب..
الأدباء والمثقفون المغاربة والعرب في مقاربة مشارقية
إعداد قسم التحرير
ملحق ثقافات وآداب – صحيفة قريش – لندن
يشارك معنا في سلسلة حلقات استطلاع ملحق ثقافات وآداب لصحيفة قريش في لندن.. عدد من الأدباء والمثقفين المغاربة والعرب في مقاربة مشارقية ، من خلال أسئلة نطرحها للاقتراب من ذواتهم وانشغالاتهم في التعبير عن رؤيتهم حول ما ينتجونه وما يتصورونه كأفق للإبداع داخل هذه المتاهة من الحياة.. متاهة الذات، ومتاهة الإبداع في الأوقات المدهشة من حالات المزاج ، الذي قد لايطاوع شخص الفنان المبدع في مواجهة صعوبات العصر الحالكة والشائكة.
(24)
الشاعرة المغربية،مليكة فهيم.. قدمت الثقافة المغربية إنجازات جعلتها موضع إشادة من المشارقة
المبدع يفكك كيانه المتشكل ويطارد ذاته الهاربة
ليرسم تلك المسافة العميقة والغامضة
*ماذا يقرأ المغاربة للمشارقة من القدماء والمعاصرين ؟
**مَثَّل الشرق، ولمدة طويلة، الريادة في مجال الإبداع الشعري والسردي وفي الدراسات النقدية والتاريخية والفكرية.
ولقد ظل المثقف المغربي المهتم بالدرس الأدبي متابعا جيدا للإصدارات المشرقية، قديمها وحديثها، فقرأ الشعر وأدب الرحلة والسير الشعبية والسرود القديمة مثل المقامات، ألف ليلة وليلة، سيرة سيف بن ذي يزن.
لكن، في الوقت الحاضر، قدمت الثقافة المغربية إنجازات هامة في عدة مجالات، مثل الدراسات الفلسفية والتاريخية وفي مجال النقد الأدبي على وجه الخصوص حيث كان موضوع إشادة من طرف المشارقة أنفسهم؛ الأمر الذي يجعلني أطرح السؤال: ماذا يقرأ المشارقة للمغاربة؟.
*هل فعلاً تصدقين أنك تبدعين لتعيشي الحياة؟
**المبدع وهو يفكك كيانه المتشكل عبر سنين طويلة، يطارد ذاته الهاربة وهو يرسم تلك المسافة العميقة والغامضة مع ذاته. يعيد ترتيبها أمام أضواء اللغة والأحلام والرغبات والاستيهامات. فالحياة المعاشة تموت وتتلاشى. بالكتابة أعيد استنساخها عن طريق البوح والتجلي تارة أو التقنع والتخفي تارة أخرى، قصد التصالح مع ذاتي.
*الفنان … الرسام .. المغني والمثقف هل هو كائن انطوائي .. أحيانا يعجز عن حل مشكلات صغيرة تخصه فبالأحرى يحل مشكلات المجتمع …؟
**لا أتفق مع هذا الطرح الذي يحمل في طياته موقفا قدحيا من المثقف. المثقف يشتغل في مجال الأفكار والعقل والتخييل. وهو ضمير الأمة الحي ومحرك دواليب المؤسسات الجامعية ومختبرات البحث. يقترح أفكارا ويضع خرائط مشاريع؛ وهو بذلك يحمي هويتنا المتعددة والمتنوعة ويخلق ثروة وطنية من خلالها نعي حضورنا الأنطلوجي على هذا الكوكب.
*هل تعيشين أو عشت حالة من الانطوائية والعزلة .. لماذا؟
**كلنا عشنا العزلة إبان جائحة كوفيد 19. وهي عزلة إجبارية فرضها الإحساس بالخطر. العزلة ضرورة من ضرورات الإبداع، فهي قاطرة تلهم المبدع ليكون منتجا، إذ تتيح له الغوص في عالمه الداخلي. ولقد استطاع العديد من المبدعين والعلماء في شتى المجالات أن ينجزوا أهم إنتاجاتهم وهم منعزلون. لذلك تفرض علي عملية القراءة والكتابة العزلة، فتجدني ألتحف عزلتي عنما يشتد هدير قلقي الداخلي الذي يمكننني من أن أنزل سلم ذاتي العميقة.
*الكتابة.. الرسم .. الفن .. الإبداع .. هل كل هذا يمثل طبيعة ذاتك ..وتجربتك في الحياة أم إن ذلك مجرد خيال ؟
**”ولنا في الشعر حياة”، هذا واقع أومن به. منذ سنوات وأنا أصغي لصوته الدافق: إشراقات، ونداءات، وحدوس، وصمت، ومجرات بعيدة؛ طالما ساعدني فعل الكتابة على التغلب على مخاوفي ومواجهة أشباحي وأوهامي لترميم ذاتي والمضي قدما نحو المستقبل.
*وأنت تبدعين ما درجة الصدق الذي ينبع من قلبك وإحساسك ؟
**بقدر ما يكون المبدع صادقا مع ذاته، يصل إلى وجدان وعقل القارئ بسهولة. فما يخرج من القلب يصل إلى الناس بيسر وسلاسة. فعندما اكتب أخلق عالما تخييليا، حيث يقودني صوتي الداخلي العميق وحدوسي، مشحونا بقوة حساسيتي لكي أخلق إبداعا جميلا يخلص في التعبير عن تجربتي الذاتية.
*أنت والذكاء الاصطناعي ما محلكما في الوجود .. هل أنت معه أم ضده ؟
يعتبر الذكاء الاصطناعي طفرة كبيرة في مسار التاريخ الإنساني. يقول أهل الاختصاص بأنه يماثل اختراع الطباعة ودخول الأنترنيت حياتنا. الذكاء الاصطناعي بقدر ما يبهرني يفزعني.