أين أزمة اليمن..في هيكلة الوزارة أم في شخوصها؟

4 مايو 2025
أين أزمة اليمن..في هيكلة الوزارة أم في شخوصها؟

عبدالواسع الفاتكي

كاتب من اليمن

منذ بداية التغييرات التي شهدتها الحكومة اليمنية ، بدءًا من أحمد عبيد بن دغر ، مرورا برؤساء حكومات متعاقبين، ووصولًا إلى سالم بن بريك ، لم تنعكس هذه التغييرات بشكل إيجابي يُذكر على مختلف الأصعدة ، خاصة على المستوى الاقتصادي ، وكذلك على المستويات السياسية، الأمنية، والعسكرية .

قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، بتعيين رئيس وزراء جديد ، يأتي في ظل ظروف اقتصادية متدهورة ، ومعاناة معيشية مريرة ، وانهيار كبير في الخدمات. لكن اللافت أن هذا التغيير اقتصر على شخص رئيس الوزراء، بينما بقيت تركيبة الحكومة ذاتها، المكونة من وزراء ،  تم تعيينهم على أساس محاصصة سياسية ومناطقية لا تقوم على معيار الكفاءة أو النزاهة ، بل على الانتماءات الحزبية والفئوية .

إن القوى السياسية التي تقاسمت السلطة لم تتقاسم معها المسؤولية ؛  فقد أدى هذا النهج إلى تفشي الفساد في مؤسسات الدولة ؛  حيث بات شاغلو المناصب العليا يستمدون شرعيتهم من انتماءاتهم السياسية أو المناطقية ، وليس من أدائهم الوظيفي أو التزامهم بخدمة المواطن ، هذا الواقع خلق بيئة خصبة للفساد ومناخًا لحماية الفاسدين ؛ حيث تحوّل شاغلو المناصب إلى حماة لمصالح الجهات التي رشحتهم، لا إلى ممثلين عن الشعب أو خدامٍ للمصلحة العامة.

الغالبية العظمى من شاغلي المناصب العليا لديهم ارتباطات خارجية، يعتقدون أنها ستحفظ مواقعهم وتمنحهم الحصانة من الاستهداف السياسي، ما يعمق من أزمة القرار الوطني المستقل ويجعل الدولة رهينة لحسابات خارجية.

لا يُتوقع أن يحقق سالم بن بريك إنجازات جوهرية تختلف عن سابقيه ، ما لم يحصل على دعم إقليمي ودولي واسع، وخاصة من السعودية والإمارات، إضافة إلى دعم أمريكي وبريطاني ، ولتحقيق أي تحسن ملموس، يجب عليه : بسط سيطرة الدولة على جميع الإيرادات السيادية ، وتفعيل الأجهزة الرقابية كالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والهيئة العامة لمكافحة الفساد، ومحكمة الأموال العامة ، وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب ، وسن إجراءات صارمة ضد الفاسدين .

لن يتعافى الاقتصاد اليمني أو تتحسن قيمة العملة الوطنية ما لم تُطلق الحكومة برنامجًا إصلاحيًا شاملاً، يتضمن : ترشيد النفقات الحكومية وتقليص البعثات الدبلوماسية ، وعودة مسؤولي السلطة الشرعية للداخل واستقرارهم ؛ أي توقف صرف ملايين الدولارت لآلاف المسؤولين الذين طابت لهم الإقامة في الخارج لسنوات طويلة ، وتفعيل المساءلة القضائية والإدارية ، وفق مبدأ “من أين لك هذا؟”وسد الثغرات الاقتصادية التي أدت إلى الانهيار الاقتصادي .

إن الأزمة في اليمن ليست أزمة شخوص بقدر ما هي أزمة هيكلية ؛  مرتبطة بطريقة اختيار المسؤولين وآليات عمل الدولة ؛ فالصراعات الداخلية ، وتداخل الصلاحيات ، وغياب الشفافية والمساءلة ، خلقت بيئة من الفشل المستمر ، كما أن الفجوة بين الحكومة الشرعية والسلطات المحلية في المحافظات المحررة ، أسهمت في هدر الموارد وتفشي الفساد ، بالتالي، فإن أي حكومة قادمة لن تنجح ما لم تُبنَ على أسس الكفاءة والنزاهة ، وتحظى بدعم فعلي سياسي واقتصادي ، مع توافر إرادة حقيقية للإصلاح الشامل .

كاتب صحفي ومحلل سياسي يمني

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com