ماذا بعد تسجيل ايران النقاط ” النووية”الثلاث في المرمى الأمريكي؟

13 أبريل 2025
ماذا بعد تسجيل ايران النقاط ” النووية”الثلاث في المرمى الأمريكي؟

خرجت قضية المفاوضات بين امريكا وايران من المجال السياسي الى التنفيذ الفني ، ثلاث جلسات من مسقط الى روما فمسقط، سجلت فيها ايران ثلاث نقاط ، وبدت تتعامل بنديّة وهو أمر اساسي في تقوية وضعها السياسي والامني الداخلي واستنهاض الروح المعنوية لمحور ها الذي انهار في لبنان وسوريا والعراق واليمن، لكن الامور لا تزال تحتمل المفاجآت الحتمية التي يمكن ان تقوّض كل شيء، ،لأنّ عملية كسب الوقت من الجانب الايراني لا تزال في مرحلتها الاولى، وحين لم يعد لها أثر نفعي ستظهر سريعاً العقدة في المنشار ويتقوّض كل شيء .

كانت قد اتضحت الصورة اكثر أمام دول المنطقة المجاورة لبؤرة الازمات في الشرق الاوسط، بعد الجلسة الثانية في روما بين “رئيس محور المقاومة” و”الشيطان الأكبر”، بعد أن رشح القليل والمبتسر من جلسة المباحثات الاولى التي بدأت في العاصمة العُمانية بين الولايات المتحدة وايران.

هناك نجاح محدود في الاتفاق في روما على جولة ثالثة ذات طبيعة فنية، في مسقط .

لنبدأ من أول حقيقة في مشهد ماجرى في مسقط ، فقد سجّل الايرانيون نقطة اساسية” ظاهرية” لصالحهم في حصر المفاوضات بالملف النووي دون سواه خلافاً لما أشيع عن بنود اخرى منها البرنامج الصاروخي او الأذرع المليشياوية الموالية في العراق واليمن. لكن ستيف ويتكوف اكد لاحقاً ان برنامج التسلحمرتبط بالنووي ، وهو الامر الذي تحاول ايران تجاهله علنا ورفضه سراً .

لكن جولة -روما- يوم السبت 19 نيسان ،عززت توجه امريكا لحسم الملف النووي من دون مخالطته بالملفات الاخرى التي ترفضها ايران . وهذا يعزز فكرة ان ايران سجلت النقطة الثانية لصالحها .

لانزال في بداية المشهد، وانّ الآتي لايزال مجهولاً لاسيما انّ مرشد ايران الأعلى علي خامنئي اجتمع مع قادة الجيش الايراني للمرة الاولى بعد ساعات من المباحثات الامريكية الايرانية ليؤكد على ضرورة ابقاء الجاهزية في اقصى حد، لننتبه الى انّه اجتمع مع “الجيش” وليس الحرس الثوري ،صاحب السلطة الحقيقية.

غير انّ تسجيل النقطتين الاولى والثانية في الظهور في مشهد الند للند مظهرياً لا ينفي أبدا امكانية انتهاء الجولات بالضربة القاضية برغم من عدم ترجيحها الساعة.

مرشد ايران علي خامنئي قال انّه متشائم من نتائج وثمار المفاوضات.

الاولى وفي الوقت الذي لا أحد يعرف فيه على وجه الدقة ما دار في الجلستين بمسقط وروما ، اذ استغرقت الجلسة المسقطية ساعتين ونصف الساعة وكان وزير الخارجية العُماني البو سعيدي يتنقل أربع مرات في الاقل بين الجانبين قبل المصافحة وكلام المجاملة المباشر بين المسؤولين الايراني والامريكي وهما يغادران، التزمت واشنطن التحفظ والايجاز والتريث ،و اصدرت بيانا اعتبرت فيها المباحثات “ايجابية جداً وبناءة” وكذلك وصفها الإيرانيون بعبارات مديح وروّج لها عباس عراقي وزير الخارجية في الاعلام الايراني الداخلي بأنها كانت جلسة ناجحة وان الوفد الامريكي كان متفهما ولم تعترِ المباحثات اية كلمة غير مناسبة، وتوقع الطرفان استئنافها بما يفضي إلى التوصل إلى اتفاق نووي تأمل فيه الادارة الامريكية تجريد ايران من قدرتها على امتلاك السلاح النووي، وتريد ايران تحقيق الهدف الرئيسي وهو رفع العقوبات بانواعها عنها.

تبدو الأمور حتى الان متجهة إلى التهدئة، ولا توجد علامة حقيقية على قرب نشوب مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران لأسباب عديدة ابرزها:

في انه بعيداً عن جعجعة خطاب الرئيس لأمريكي دونالد ترامب، فانّ اول تراجع أمريكي حيال ايران تجلى بإعلان واشنطن رغبتها بالتوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، وهو الاتفاق ذاته الذي كان ترامب قد رفضه شخصيا عام 2018، وانسحب منه خلال ولايته الرئاسية الاولى.

فيما مالت الاساطيل الامريكية في حركتها من التوجه نحو السواحل الايرانية الى ساحل سلطنة عُمان.

ان البرنامج الرئاسي الذي اعلن عنه الرئيس ترامب عام 2024 يقترح الابتعاد عن الدخول بمواجهات عسكرية في الشرق الأوسط، وربما سحب بعض قواته في المنطقة، لا سيما في سوريا، لكن هذا الأمر يبقى مرهونا بطبيعة الحال بضمان أمن إسرائيل.

الاهم استراتيجيا، هي أن ايران كانت منذ اكثر من أربعين عاماً العدو أو “البعبع” المفيد للولايات المتحدة في المنطقة. فمن دون الخطر الإيراني لن يكون بوسع أمريكا ان تبتزّ دول المنطقة لحمايتها من اي عدوان إيراني محتمل. فلو غابت ايران، ما الذي ستحميه امريكا في منطقتنا، وبماذا ستبرر وجودها في المنطقة!

وكانت اللعبة ذاتها قد افاد منها الامريكان حين تورط صدام حسين في غزو الكويت1990 -1991 وفتح اول باب على المنطقة للتدخل الامريكي.

، ينبغي دائما ،عدم نسيان حقيقة ان نظام ولاية الفقيه في طهران لم يكن قادراً على تسلم السلطة في ايران من دون دعم امريكا، بما في ذلك تسهيل مغادرة الشاه للبلاد عام 1979، وضمان هبوط طائرة الخطوط الجوية الفرنسية وعلى متنها الخميني بأمان في مطار طهران، وإقناع جنرالات ايران بعدم مقاومة الخميني، وبالتالي إشعال المنطقة بنار الانقسام الطائفي الذي احرق الاخضر واليابس ولم تنطفئ جذوته حتى اليوم.

وبغية عدم ترك ايران تنسى مكانتها المرسومة لها منذ مؤتمر طهران المنعقد عام 1943، فقد استطاعت امريكا مؤخرا تقليم أظافر ايران فطردتها من سوريا، وقطعت عنها منفذها إلى لبنان بعد أن قضت على قادة حزب الله الموالين لها. وفي العراق، تشير المعطيات إلى أن واشنطن لا تمانع من بقاء العراق ساحة خلفية للجمهورية الاسلامية الايرانية طالما التزمت طهران بشروط واشنطن في المنطقة، وضمنت مصالح امريكا، وابقت العراق ضعيفا فاسدا ممزقا.

الورقة العراقية ستكون بيد ايران مكافأة الترضية فوق “ البيع” اذا تم كما تريد ادارة ترامب.

في كلا الحالين، ستنعكس نتائج ما يجري بين الولايات المتحدة وايران على العراق وحده دون الدول الاخرى، وان الترجيح واضح في استمرار حكم المليشيات في العراق حتى لو جرى تطعيمه بعنصر او عنصرين من لوازم الخلطة، كما حدث حين جاءوا بمصطفى الكاظمي يطفىء غضب الشيعة بديلاً عن عادل عبدالمهدي المتماهي حد الذوبان في المشروع الإيراني.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com