الساحل والمغرب : لسان واحد لثلاث دول

30 أبريل 2025
الساحل والمغرب : لسان واحد لثلاث دول


عبدالحميد جماهري

إعلامي ومحلل سياسي من المغرب

الصورة مكتفية بنفسها. ثلاثة وزراء خارجية دول الساحل في لقاء مع ملك المغرب. الوزراء يمثلون رؤساء دولهم، وقد جاؤوا للكلام بلسان واحد، ومنها دلالة اللقاء التي تفوق اجتماعا عاديا، لأنه لا مثيل له بصدق في هذا الجانب. في البداية وفي المنتهى.
تحدث الممثلون الدبلوماسيون، في سياق إفريقي ودولي لا يخفى على أحد، على قاعدة ثلاثة مرتكزات:

المرتكز الأول: على طبيعة العلاقة بين المغرب والساحل، وفيها تم التركيز على الإخلاص والاحترام المتبادل والتضامن الفعال،
وبما يعنيه أن العلاقة تخرج عن الطبيعة المصلحية الواحدة الجانب، التي تعتمد الابتزاز تارة، والوصاية، لا سيما من طرف دول ذات نفوذ أو القادرة على تهديد هذه الدول، ووحدتها وسلامتها، أو توظيف العلاقة معها في ميزان القوى القاري وداخل مؤسسات إفريقية، ولعل أهم شيء أن المغرب لا يتعامل مع منطقة الساحل باعتبارها منطقة توتر بقدر ما يرى فيها منطقة إفريقية يجب أن تتملك قراراتها السياسية.

المرتكز الثاني: الاهتمام بالساحل من طرف الملك، ولا سيما المبادرة الأطلسية، وهي المبادرة التي أطلقها جلالة الملك، ويمكن القول إن المغرب وعد ببنائها المشترك، معا، ولم يقدم ملفا جاهزا يُؤخذ كما هو أو يُترك كله، بل وضع مشروعا للبناء السيادي الساحل ـ المغرب. ومن هنا المقاربة الجديدة، أن المغرب يقدم بنيته التحتية، ومن خلالها فرصة للانضمام في الشبكات الدولية للبحرية التجارية العالمية.
وتجدر الإشارة في هذا الباب، إلى كون الدول تواجه عزلة جغرافية واقتصادية، لأن وصولها إلى الأسواق العالمية رهين بالدول الساحلية، وبالتالي تتأثر بكل تغير في طرق التنقل والنقل. دراسة منظمة التعاون والتنمية الأوروبية في دجنبر 2024 بينت أن أي تحوير في الطرق البحرية يرفع من نفقات اللوجستيك بما يناهز 100%.
بل يمكن أن نذهب بعيدا ونقول إن المغرب يريد تغيير وظيفة هاته الطرق، من تاريخها الاستعماري الذي كان يجعل منها طرقا لنقل الثروات الطبيعية في هاته البلدان إلى العواصم الاستعمارية، إلى طرق للتنمية من خلال شبكة مندمجة هدفها مصلحة الشعوب.
المبادرة أصبحت معطى في إفريقيا وفي العالم، يسمح بالانعتاق من الطوق الجغرافي والسياسي الذي ضُرب على هاته الدول، كما ورد معناه في تعبير وزير خارجية النيجر، الذي كان بليغا في توصيف الحالة.
-المرافقة السياسية، سواء في العلاقات الثنائية أو في علاقات المجموعة 3+1، وفي الإطار القاري تحت مظلة مجلس السلم والأمن ومبادرة التوافق، للبحث عن خروج سياسي من وضعية العزلة المفروضة على هاته الدول في غرب إفريقيا.

وفي إطار علاقات جنوب-جنوب، التي تعطي القرار كاملا للدول المعنية بها، وهي بهذا المعنى قاعدة للاندماج الإقليمي. وفي النهاية، قدم الوزراء مآلات الفعل الذي يسهر عليه المغرب في قضية تجاوز وضع العسر السياسي الذي نتج عن تعدد المشاكل الأمنية والاقتصادية والسياسية… إلخ.
هناك السيادة، وهناك الإدماج الإقليمي، وهناك التضامن الفعال. وتمظهرات ذلك تكمن في العقيدة الجامعة المغربية في التعامل مع الساحل من خلال:
ـ اعتبار الاستقرار في الساحل شرطا لا مناص منه، وهو المفتاح، وأي حديث آخر يعتبر من نوع التداعيات الحالمة، سواء بالنسبة للجيران أو بالنسبة للقارة.
ـ الانتقال الديمقراطي والسياسي: هناك قناعة مغربية من صميم العقيدة الذاتية بأنها شرطية وحيدة لتحصين الاستقرار.
ـ الثقة في نخبة هاته الدول وضرورة أن تتولى شؤونها بيدها، ولا يسعى أن يكون بديلا عن هاته النخب ويفكر مكانها.

المقال خاص لصحيفة قريش – لندن

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


الاخبار العاجلة
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com