مفتاحُ الوشم
إيناس العباسي
شاعرة من تونس
قصيدة 1
المفتَاحْ
آخر مفتاح حملتُه معي،
يتدلى وحيدًا من علاّقة المفاتيح
مثل جسد مشنوق في العراء
مفتاحُ البيت الذي لم يعُد بيتنا
الذي لنْ يكون بيتنَا بعد اليوم
يعلُوه صَدأ الذِّكريات
وغبارُ الصحراء التي خلفناها وراءنا
والبيت؟
ربَّما ستعيد طلاء جدارنه التي تشرّبت صراخنا
وعرق كلماتنا المُتعبة
الكلمات… كم تشظّت بيننا
وحجبت الضوء المشّع بالألوان
ظهرك عار ويدي عارية
الضوء يفصل بيننا
الأفكار تفصل بيننا
البابُ لا يفصل بيننا
الطُّرقات لا تفصل بيننا
أما ظهرك العاري ..فيفصل بيننا
احتجت لدموع وقصائد كثيرة
قصائد أخريات علّمت أيامهن كدمات زرقاء
احتجت للغصة التي علّمت قلبي بكدمة سوداء
احتجت لكلّ كلماتنا المختنقة
بهواء الغرفة الفاسد، الثقيل بأنفاسنا
الثقيل بالغضب والكثير من الكذب
أنشوطة الأكاذيب ضفرتَها أنت
وفككتُها أنا
بصبر امرأة أعماها الحب سنواتٍ
مفتاح البيت الذي لم يعد بيتنا
الذي لن يكون بيتنا بعد اليوم
ألقيت به مع كراكيب الذكريات.
قصيدة 2
وشمٌ
في حياة أخرى…قريبا
ربما بعد الأربعين
سأحصل على “تاتو”
وشم …بالعربية..
الكلمة أكثر أناقة بالعربية
سأقلب دفتر الصُّور ببطء ودلال
قد أختار
وشم العقرب التي لم أكنها
أو وشم أفعى
أو حتى وشما لعنكبوت
يمكنني أيْضًا اختيار كلمة
قد تتغرز الإبرة في لحمي
بكلمة مثل
‘”خيانة”
أو
“”لامبالاة”
كلمة أكبر من الخيانة اللامبالاة
كلمة أطول
تحتاج لمساحة أكبر
سأنسى تماما فكرتي عن مقايضة الملح بالكتب
على أبواب تمبكتو
كان هذا حلما قديما لحياة أقدم
طالما حلمتُ بها
سأنسى بأنه كان من الممكن لي
في حياة أخرى
في تمبكتو
كان من الممكن أن أكون في غرفة باردة
يحيط بي الحرير والخيال والصحبة الطيّبة
لكنني هنا الآن اليوم
في هذا الزمن
أريد بنطال جينز ممزقا عند الركبتين
وقميصا أبيض
ضاعت نصف أزراره العلوية
ورغم أنني أريد
تعلم العزف على جيتار إلكتروني
إلا أنني…
لا أريد أساور جلدية حول معصمي
أريد فقط أن أتعلم عزف
موسيقى تكسر زجاج النوافذ
وتفتت الألم …
أريد أن أعزف ألمي
أن أصرخ بألمي
جرحي
مثل الصدع الافريقي …
ممتد طويلا في عمق الأرض
ولا يلتئم
ربما… موسيقى بكل هذا الصخب
قد تكسر الزجاج حول روحي ….
وتفتت ألمي.
قصيدتان خاصتان لصحيفة قريش – ملحق ثقافات وآداب – لندن
عذراً التعليقات مغلقة